Friday 30 September 2011

المعارضة المخملية




The Syrian Revolution 2011 الثورة السورية ضد ب...Image by via Flickr



المعارضة المخملية




          يُفصح معارضو الداخل ، يوما بعد يوم ، عن مواقفهم الحقيقية المتخاذلة ، وممالئتهم للنظـام المجرم وإبتعادهم عن قضية الثورة، ووقوفهم ، إن عن قصد وتعمد أو عن غباء وسطحية ، في صف النظـام الباغي دون أي إدراك لخطورة ذلك على مصير الثـورة . ففي المؤتمر الـذي عقـدته مجموعـة من أبرز شخصيـات المعارضة في الداخل يوم 18 /9 الماضي خرج الحضور بشعار اللاءات الثلاث : لا للعنف ، لا للطائفيـــة  ولا للتدخل الخارجي . دون أي تمييز بين الجلاد والضحية  ودون الإشارة إلى أن العنف الوحشي المفــرط في القوة الذي يمارسه النظام المجرم هو الذي يدفع بالبعض اليائس إلى حمل السلاح والدفاع المشروع عــن النفس والحرمات ، بينما لا تزال نشاطات الثورة في غالبيتها الساحقة متصفة بالسلمية التامة .وبتجاهل كامل لحقيقة أن النظام المجرم ينتهج منذ أربعين عاما سياسة تمييز طائفي بشعة يعرفها القاصي والداني في الوقت الذي ينادي فيه الثوار ليل نهار " الشعب السوري واحد " . وبتنكر مفضوح لأنهار الدماء المسفوحة وقوافـل الشهداء المتعاظمة ، والإصرار بكل غباء وتخاذل على رفض التدخل الخارجي بشكل قاطع ، دون طرح أي خيارات أخرى بديلة لوقف نزيف الدم ، كالحماية الدولية أو التدخل العربي أو الحظر الجوي ، ودون النظـر بأي إعتبار لمطالب الثوار الذين خصوا يوم جمعة محدد  بتسمية " جمعة الحماية الدولية " كما رفعوا مرارا وتكرارا لافتات تطالب بالتدخل الدولي العسكري لإيقاف المجزرة الدموية المستمرة .
          قبل ذلك بفترة ، صرح المعارض البارز " ميشيل كيلو " بأن المعارضـة في الداخـل لا ترفع شعار إسقاط النظـام ، وإنما تسعى للتغيير السلمي المتدرج من خلال الحــوار مع النظام . وعــاد أمس ، في مقابلة  لــه مـع وكــالة الأنباء الفرنسية ، ليكـرر نفس المنطــق المتخـاذل وبوضوح لا يقبل اللبس ، مشددا على رفض التدخل الخارجي ومعارضة لجوء الثوارإلى حمل السلاح . متناسيا أن الشعب السوري الثائر ، ومنذ الأسابيع الأولى للثورة ، وبعد سقوط المئات من الشهداء ، حدد مطلبين لا يمكن المساس بهما : رفض الحوارمع النظام المجرم ، والمطالبة بإسقاطه .  وفي إتصال هاتفي مـع  قنـاة الجزيرة أكد المعارض " فايز سارة " يوم أمس ، في تعليقه على الإشتباكات الدامية في الرستن ، أن هـذه الأعمال تضـر  بقضية الثورة . متجاهلا جملة من الحقائق الساطعة ، وأولها أن أبطال الجيش السوري الحر إنما يخوضون هذه المعركة - غير المتكافئة - دفاعا عن أنفسهم وأهاليهم وحرماتهم  وثانيها أنهم غير معنيين على الإطلاق  بقضية سلمية الثورة ، وثالثها أن قادة الجيش الحر قد صرحوا مرارا بأن النضال الثوري في سوريــة يسير  على خطين متوازيين : الحراك الشعبي السلمي في الساحات والميادين ، والتصدي المسلح من قبل جبابرة   الجيش الحر لآلة قمع وحشية همجية لا تفهم سوى لغة القوة .
         في مقال سابق ، كتبت عن شعوري بالحزن والأسف لإضطراري للتعرض لمعارضي الداخل بالنقد  والعتاب على تحركاتهم غير المفهومة ( ولا أقول المشبوهة ) ، منطلقــا في ذلك من كوني أكن لمعظمهم ، من خلال المعرفة الشخصية ، كل إحترام وتقدير لتاريخهم النضالي المشرف ، ولما يتمتعون به من كفــاءة وثقافة ومعرفة . لكنني اليوم أجد نفسي متحللا من أي أسف ، فقد تجاوزوا في مسلكهم كل حدود المعقــــول  والمقبول . ولم يعد مهما البحث في دوافع هؤلاء المعارضين ، سواء كانت عن حسن طويـة أم سوء نيـة ،  ولن أذهب في ظنوني بعيدا للإستنتاج بأنهم ، أو بعضهم على الأقل ، مخترقون من النظام المجرم ومعلبون  ضمن آلته الدعائية . فالنتيجة واحدة مهما إختلفت الدوافع ، وهي أن المعارضة السورية في الداخــل تسيء  للثورة إساءة بالغة ، وتتنكر لدماء الشهداء الأبرار ، وتسير في نهج مشبوه لا يخدم سوى النظــام المجــــرم  وخططه للقضاء على الثورة المباركة .
          وفي الختام أوجه النداء لمعارضة الداخل المخملية بأن تلتحق بركب الثورة الظافرة،وترفع شعارات  الشعب السوري الهادر ، أو فلتصمت صمتا نهائيا . فالشعب السوري يقول بصوت واحد :
- لا للحوار مع النظام المجرم ، نعم لإسقاطه وإقتلاعه من جذوره .
- لا لطائفية النظام المجرم ، نعم لوحدة الشعب السوري بكل مكوناته .
- لا لعنف وهمجية النظام المجرم ، نعم لسلمية الثورة ، ونعم ألف نعم للنضال المسلح الذي ينتهجه جبابرة    وأبطال وصناديد الجيش السوري الحر .

في 30/9/2011                                             العميد الركن المتقاعد  عقيل هاشم

سياسة النظام السوري المجرم في مواجهة الثورة

سياسة النظام السوري المجرم في مواجهة الثورة
رابعا وأخيرا : في إبداء الإستعداد للحوار

          لم يسبق للنظام المجرم ، قبل تفجر الأحداث الراهنة ، أن إعترف  بأي معارضة لحكمه علـى  الإطلاق . كانت الأبواق المأجورة تتهم أي معارض للسلطة بأنه عميل ومرتبط وخائن ومنفذ لأجنـدة  خارجية وغير ذلك من التهم الجاهزة دوما للإطلاق رشا ودراكا . ومنذ أن تم وأد ربيع دمشق أوائـل  عام ( 2001 ) ، والنظام المجرم يمارس سياسة البطش والملاحقـة بحـق كـل مـن تسول لــه نفســــه معارضة الحكم . كان مجرد إنتقاد النظام في مقابلة تلفزيونية مع فضائية ما ، أو كتابة مقال نقدي فـي  وسيلة إعلامية سببا في إعتقال صاحبه وتقديمه لمجكمة أمن الدولة – سيئة الصيت – والزج بـه فــي  السجن لسنوات بتهم مضحكة مثل : إضعاف الشعور القومي ، ووهن نفسية الأمة ، والإساءة لسمعـة  البلد ، ومثيل ذلك من التهم السخيفة . ولم يتغير واقع الحال قيد شعرة بعد إلغاء محكمة أمن الدولــة ،  فالمحاكم المدنية والجنائية المرتهنة لدى النظام قامت بممارسة نفس الدور وأكثر .
         الآن ، وبعد أن تفجرت الثورة وتساقط الشهداء بالآلاف ، بدأنا نسمع الأصوات الملحة بالدعوة إلى الحوار الوطني . نفس الأصوات التي كانت ُتخون وُتجرم كل أطياف المعارضة في السابق .الآن أصبح النظام المجرم يدعو إلى الحوار : " تعالوا إلى طاولة الحوار ، قلوبنـا وعقولنـا مفتوحـة لكم !! أيدينا ممدودة بإتجاهكم !! " لكن يجب أن نعلم كيف يفهم النظام هذا الأمر :
- إن أنسب حوار يفضله النظام هو ذلك الذي يجريه مع نفسه !
- وإن لم يتوفر ذلك فمع مجموعة منتقاة من أغنام المعارضة في الداخل .
- و معارضة الخارج خط أحمر ، فهؤلاء جميعا عملاء للإمبريالية والإستعمار .
- أما ممثلي الشعب الحقيقيين من الثوار والناشطين ، فهم مندسـون ومتمـردون مسلحـون وأصوليـون     إرهابيون ومخربون وعصابات إجرامية ، وفوق كل ذلك حثالة ورعاع لايمكن الحوار معهم .
- وأهم شيء يناسب النظام في هذا المجال ، أن يتم الحــوار بإسلـوب المماطلــة والتسويف وكســـب    الوقت فقد تستطيع آلتـه القمعية ، خلال ذلك ، القضاء على الثورة وعندئذ تنتفي الحاجة كليـــا لأي      حوار على الإطلاق ، وكفى الله المؤمنين شر القتال .
        في ظل هـذه المنطلقات ، دعت السلطة الغاشمة إلى عقد ما دعي ب " اللقاء التشاوري لمؤتمـر الحوار الوطني " يومي 10-11 من تموز الماضي تحت إشراف نائب رئيس النظام الدمية " فــاروق الشرع " . وجاءت الدعوة إليه منقوصة من أي جهة ممثلة للشعب الثائر ، ومتأخرة أربعة أشهر عــن بدء إندلاع الثورة ، لم يتوقف فيها القتل والتدمير لحظة واحدة ، بل إستمر خلال المؤتمر بحيث طغى صوت الرصاص في الشارع على مناقشات المتحاورين في القاعة . ومع ذلك تسربت تصريحـــــات غاضبة لمسؤولي النظام ناعتة ذلك اللقاء التشاوري ب " اللقاء التآمري " .
        وكان من المفروض أن يكون اللقاء تمهيدا لعقد مؤتمر للحوار الوطني . لكن صمتا مريبا أسدل الستار على أي تحرك لمدة شهرين كاملين ، كانت فيهما أعداد الشهداء تتصاعد وتتعاظم . ثم أخــــــذ الإعلام المأجور يتكلم عن عقد مؤتمرات محلية في المحافظات للحوار . وتصوروا معي ذلك الحـوار الذي يمكن أن يجري في محافظات ملتهبة مثل حمص وحماة وإدلب ودير الزور ودرعا واللاذقيــــة وباقي الأرجاء السورية المشتعلة ؟ بالطبع كانت كل تلك المؤتمرات الفرعية مجرد مسرحيات هابطة  لا تستحق مجرد الحديث عنها .
        اليوم ، بدأنا نسمع عن وجود نية لعقد لقاء تشاوري آخر ! تصوروا معي ، بعد سبعة أشهرعلى إندلاع الثورة الدامية ، وثلاثة أشهر على عقد أول مسعى حواري يفترض فيه أن يكون أحد السبـــــل لإطفاء النار ، تتفتق عبقرية جهابذة النظام عن التفكير الآن في عقد لقاء تشاوري ثان تمهيــدا لعقـــد مؤتمـر حوار وطني شامل في وقت لاحق من المستقبل لا يعلم إلا الله متى سيكون ذلك . وقد تدعـــو الحاجة للقاء تشاوري ثالث ، ومتى ستنتهي هذه الأكذوبة السمجة ؟ لا أحد يدري .
          النظـام المجرم الوحشي الفاشي لا يعرف سوى نوع واحد من الحوار فقط :  حوار الرصاص والقنابل والمتفجرات . وكل ما يدعيه من إستعداد للحـوار ليس إلا كـذب وتضليـل وخـداع . وحتى لو كان صادقا ( معاذ الله ) فالشعب السوري يرفض رفضا قاطعا أي حوار مع القتلة واللصوص . وقــد أعلنها منذ الأسابيع الأولى للثورة المباركة : لا حوار مع النظام ! وكما قلنا أعلاه بأن النظام لا يعرف سوى لغة الرصاص ، والأمل كبير أن يذيقه الشعب الثائر ، وأبطال الجيش الحر قريبا هذه اللغـة إن شاء الله .

في 30/9/2011                                      العميد الركن المتقاعد  عقيل هاشم     

Thursday 29 September 2011

سياسة النظام السوري المجرم في مواجهة الثورة

سياسة النظام السوري المجرم في مواجهة الثورة
ثالثا : في إدعاء الإصلاحات الوهمية
        
  تابع النظام المجرم ، دون كلل ولا ملل ، التشدق بالإصلاحات التي أنجزها . ويتكـرر الحــديث الممجوج ، على لسان مسؤولي النظام وأبواقه المأجورة ، عن الإصلاحات العديدة التي قام بها النظـــام حتى الآن ، وعن خططه للقيام بالمزيد منها ، في المستقبل القريب ، في محاولة للإيهام بأنه ماضٍ فـــي في عزمه على تحقيق كل مطالب الشعب المشروعة والمحقة ، وبالتالي فما الداعي لكل هذه المعارضـة والإنتفاضة والتظاهرات .
          وتشارك في هـذه الإسطوانة المشروخـة محطات تلفزيون فضائيـة ، ووسائل إعـلام متنوعــة ، عربية وعالمية . تردد في تقاريرها ( عن غباء أو سذاجـة أو قصد ) أخبـار هـذه الإصلاحات الموهومة وتطرح التساؤلات عما إذا كـان من الأفضل إعطـاء النظـام المجرم الفرصة لكي يتابـع وُيكمــل مسيرة الإصلاحات المزعومة تلك .
         والأنكى من ذلك ، أن تقوم حكومات ومنظمات بترديد نفس الإسطوانة ، فتصدر البيانات داعيـة إلى المزيد من الإصلاحات ، معتبرة أن الأمل لا يزال معقودا على النظام المجرم ورئيسه السفاح ،لكي يقود مسيرة الإصلاح المزعومة تلك .
         ونحن نتفهم دواعي الحياد المهني والموضوعية الصحفية التي تدفـع بوسائل الإعلام تلك لسلوك هــذا النهج . وكـذلك دواعي المصالح السياسية والإقتصادية للـدول المعنيـة بالمسألـة السوريـة . وأيضا متطلبات المصالح الإنتخابيـة والسياسات الداخلية لهـا . ونفهم أيضـا التخوفـات من مجاهيل ما يمكن أن تؤدي إليه الثورة السورية مستقبلا ، وتأثير ذلك على المحيط الإقليمي .
         إلا أنه لا شيء ، على الإطـلاق ، يبرر تأييد النظام السوري الشمولي المجرم ، أو مسايرته ، أو تلميع صورته القبيحـة ، أوحتى السكوت عنه بينما هو ماضٍ في إرهاب وقمع الشعب السوري الأعزل وقتل أبناءه ، وتدمير ممتلكاتهم ، والزج بعشرات الآلاف منهم في السجون وتعذيبهم ، وممارسة أبشــع الأساليب البربرية الوحشية ، ثم يدعي أنه يقوم بالإصلاح !! فما هي الحقيقة في كل ذلك ؟
         بداية ، يجب توضيـح الحقائـق الثابتـة التاليـة :
1- النظام السوري غير قادر على القيام بأي إصلاح جدي حقيقي فعلي مهما صغر شأنه ، قولا واحدا .  ليس متردد أو متباطيء أو غير راغب في الإصلاح ، بل عاجزأصلا عن ذلك . لأن النظـام هوالعلٌـــة والمشكلة بالأساس ، وأي إصلاح جدي لايمكن أن يتم إلا بسقوط النظـام المجرم وزوالــه . هو ورأسـه وعصاباته و سلطته وأجهزة أمنه وحزبه ومؤسساته ودستوره وقوانينه وكل ما يمت إليه بصلة .
2- لم تبدأ وتتسارع وتيرة الحديث المزعوم عـن الإصلاح إلا بعد إنفجـارثـورة الشعب السوري العظيم المباركة . ولولا ذلك لما كان هناك كلام عن أي إصلاح على الإطـلاق . إن كافة تلك الإصلاحات التي يتشدق بها النظام اليوم ، كانت قد ذكرت في مقررات المؤتمر القطري العاشر للحزب الحاكم الذي عقد عام ( 2005 ) ، ثم بقيت لأكثر من ستة أعوام حبيسة أدراج السلطة حتى تم نفض الغبار عنها مؤخرا .
3- ويلاحظ بوضوح رفع النظام المجرم لسقف إصلاحاته المزعومة مع تفاقم ثورة الشعب وإزديادهــــا إشتعالا وعنفوانا . فالمحرمات التي كـان لا يجوز مجرد الحديث عنها كالمـادة الثامنـة ( سيئة الصيت ) من الدستور أصبح واردا أن يتم التفكير في تعديلها أو إلغائها ( نلاحظ هنا ، بعد سقوط أكثر من خمسـة آلاف شهيد ، أننا لا نزال في مرحلة التفكير في ... والحديث عن...) هذه المادة التي ينسف وجودها أي جدوى من قانون الإنتخابات المزعوم ، وشقيقه قانون الإحزاب الموهوم .
4- حتى بعد إقرار النظام المجرم لبعض القوانين المسماة إصلاحية ، فهذا لا جدوى منه على الإطلاق . أولا لأنها صيغت بطريقة تجعلها فارغة من المضمون كليا ، وهو ما سيتم شرحه لاحقا في سياق هــــذا المقال . وثانيا ، وهذا هـو الأهم ، وبإفتراض كونها ذات مضمون مثالي ، فلن يغير هـذا من واقع الأمر قيد أنملة . لأن سورية ، في ظل حكم العائلة المجرمة الفاسدة منذ اكثر من أربعة عقود من السنين ، هي دولـة غير قانونيـة . يعني أنه لا قيمـة عملية لأي دستور ، جديـد أو معـدل ، ولا لأي قوانيـن ملحقـة بـه مهمـا تضمنت من إصلاحات موعودة . ذلك إن السلطة ، في أي وقت ولأي سبب ، قادرة على خرقهــا وعـدم التقيد بها متى شاءت . ولا توجد سلطة قضائية مستقلة في سورية ، والقضاء تابع كليا للسلطـــــة التنفيذية . وبالتالي فالمحكمة الدستورية العليا هي شكل بلا مضمون لا تهش ولا تنش .
        بعد هذا التمهيد ، لنبحث الآن في الإصلاحات التي يتغنى بها النظام المجرم ، وزعرانه و أبواقـه المأجورة دون هوادة :
أولا : رفع حالة الطواريء : وهذه فعلا أكبر نكتة قيلت في هذا الصدد ، لكنها نكتة سمجة مؤذية وقاتلة. في كل دول العالم ، لاسيما الديمقراطية منها ، هنـاك قوانين دائمـة للطواريء . يتـم بموجبها ، ولفتــرة مؤقتة ، فرض حالة الطواريء في البلاد عندما تدعو الحاجة الماسة لذلك ، وخاصة في حالات الحرب أو الإضطرابات أو الكوارث الطبيعية ، ثم يتم إلغائها بعد زوال الأسباب الموجبة . أما في سورية فقــد بقيت البلاد تعيش تحت ظل قانون الطواريء منذ نصف قرن . وعندما  ُرفعت حالة الطواريء مؤخرا قتلت أجهزة السلطة المجرمة ، في اليوم التالي مباشرة ، حوالي ( 120 ) مواطنـا في مختلف أنحـــــاء البلد ، وإعتقلت أكثر من ألفي متظاهر . وها هي الأعداد اليوم ، وبعد ثلاثة أشهر ، قد تجاوزت خمسـة آلاف شهيد ، وعشرون ألف معتقل ، دون ذكر أعداد المفقودين ومجهولي المصير. وكل ذلك تم في ظل رفع حالــة الطواريء . فأي رفع للطواريء هذا ؟ 
         يفترض ، بعد إلغاء حالة الطواريء ، أن لا يتــم إعتقال أي إنسان إلا بموجب مذكرة قضائيـة ، ولمـدة مؤقتـة ، ريثما يتـم عرضه على القاضي المختص ليقـرر وجــوب محاكمته أو إطلاق سراحه . فهل حدث هذا الأمر في سورية ؟ طبعا لا .
ثانيا : قانون الإرهاب المزمع إصداره : يتحدث مسؤولي النظام المجرم عن النيــة في إستبدال قانــــون الطواريء بقانون عصري آخر يدعى" قانون الإرهاب " إسوة بما هو معمول به في الولايات  المتحدة  ( هاهي أمريكـا ، الدولة الإمبريالية الإستعمارية ، المتآمرة دومـا على سوريـة ، المساندة دون هـــوادة للصهيونية وإسرائيل ، تصبح مثالا يحتذى لدى النظام المقاوم والممانع ! ) ولا أحد يدري متى سيصدر هذا القانون ، وكيف سيكون مضمونه ، ولا داعي للعجلة ، فنحن ننشد " السرعة ولبس التسرع " كمــا قال حكيم عصره وجهبذ جيله السفاح بشار .
ثالثا : قانون حق التظاهر : صدر هذا القانون على الورق فعلا ، وكانت هذه نهاية المطاف في الواقـع . ألا تريدون التظاهر ؟ ها قد أصدرنا لكم قانونا ( على الورق ) يسمح لكم بالتظاهر ( لكن على الـــورق أيضا ) . وقد تغنى أبواق النظام بأن مثيله معمول به في كل ديمقراطيات أوربا ، لكن ما غفلوا عنـه أن  تلك القارة العجوز قد تم شطبها من خارطة العالم بقرار جريء من وزير خارجية النظام الهُمام " وليد المعلم " . وبالعودة لذلك القانون الذي يضـع شروطا تعجيزية لمن تسول له نفسـه التفكيربالتظاهر ، فقد حاول البعض إستخدام حقهم القانوني بموجبه ، وتقدموا بطلبات للجهات الأمنية المختصة للسماح لهـــم بتنظيم مظاهرات ، فكان مصيرهم الإعتقال الفوري ، ومصير طلباتهم سلة المهملات .
رابعا : قانون الأحزاب : لا بد من الإعتراف بعبقرية الذين قاموا بصياغة هذا القانون ، لأنه يضع  كل ما يخطر في البال من عقبـات في وجه تشكيل أحزاب جديدة . هذا عـدا عن إن القانـون لا معنى لـه ولا
فائدة منه ولا قيمة عملية ناتجة عنه بوجود المادة الثامنة في الدستور. لكن ما غفـل عنـه هؤلاء العباقرة هو أن نصوص القانون ، إذا طبقت ، تستوجب على الفور سحب ترخيص حزب البعث الحاكم ومنعـــه من مزاولة نشاطه لأن له فروع في دول أخرى ، ويمتلك ميليشيا مسلحة . وهو ما حظره القانون إياه . وصدقوني إن حصل هذا ، فسيكون الإصلاح الوحيد الذي يحسب للنظام المجرم .
خامسا : قانون الإنتخابات : وينطبق عليه كل ما ذكر أعلاه عن شقيقه قانون الأحزاب . فليس هناك أي معنى لإنتخابات ، بوجود المادة الثامنة إياها في الدستور،لأنها لن تؤدي إلى تداول السلطة ، وهــو أول ركائز الديمقراطية الحقة . ثم إن الإنتخابات النزيهة تتطلب وجود سلطة قضائية نزيهة ومستقلة ، الأمر المعدوم كليا في سورية . وبالتالي فلن ينتج عن أي إنتخابات تجري تحت ظل هذا القانون ، وأي قانون آخر ، سوى مجلس نيابي معلب من دمى خشبية هتافة ، ككل ما عرفته سورية من المجالس طيلــــــــة العقود الخمسة الماضية .   
سادسا : التغييرات في المناصب الحكومية والأمنية : من نافل القول إيلاء تغيير الحكومة أي أهميــــة . فالحكومـة في سوريـة لا تحكم ، ووزرائها مجرد موظفون صغار لدى السلطة ، لا ناقة لهم ولا جمـل . ويستطيع أي ضابط أمـن أن يتدخل في عمـل أي وزبر ويفرض عليـه ما يشاء . وإذا كانت الحكومـــــة السابقة هي مصدر العلة والمشكلة ، فلماذا لم يقدم أعضائها للمحاكمة والمساءلة ؟ وينطبق نفس الأمـــر على المحافظين الثلاث الذين تمت إقالتهم . أما ضباط الأمن الذين تسببوا ، بغباء وعنجهية ، في تفجيـر الأحـداث فقـد نقلوا إلى مراكز أخرى مهمـة دون أي محاسبة . ثم من قـال بأن تغيير عـدد محدود مـــن الأشخاص يعتبر إصلاحا في مؤسسة سلطوية غاشمة تزخر بالآلاف من المجرمين والفاسدين، مؤسسة لا يمكن إصلاحها إلا بإقتلاعها من جذورها كاملة ورميها في مزبلة التاريخ .
سابعا : يتشدق النظام يرغبته المخلصة في الحوار مع قوى المعارضة ، ويعتبر ذلك ضمن إنجازاتــــه الإصلاحية . وهذا ما سنفنده في المقال القادم والأخير من سلسلة المقالات التي نتحدث فيها عن سياســة النظـام المجرم في مواجهة الثورة السورية المباركة .
         وأخيرا ماذا بعد ؟ يمكننا الإستطراد إلى ما لا نهاية للتأكيد على أن إصلاحات النظام المزعومة تلك الإسطوانة المشروخة ، ما هي إلا أوهام خيالية ، وأضاليل كاذبة ، ودعايات ممجوجة . فالنظام كما أسلفنا في المقدمة ، عاجز عن أي إصلاح مهما صغر شأنه . وهو ماض دون هوادة في ممارسة أبشــع أنواع القمع الوحشي ، والإستخدام المفرط للقوة الغاشمة ، والتصدي البربري لجماهير الشعب الثائـــرة التي تنادي بصوت واحد هادر : الشعب يريد إسقاط النظام . أما النظام المجرم ، كما هو واضح فلا يريد سوى إسقاط الشعب وإفناءه . والمواجهة ستستمر إلى نهاية المطاف ،ولن ينتصر في النهايــــة - كما تعلمنا حقائق التاريخ - سوى الشعب  .


في 29/9/2011                                                  
 العميد الركن المتقاعد عقيل هاشم  

Monday 26 September 2011

سياسة النظام السوري المجرم في مواجهة الثورة السورية

سياسة النظام السوري المجرم في مواجهة الثورة السورية
ثانيا : في التضليل الإعلامي الكاذب 

         تحدثنا في المقـال الأول من هذه السلسة ، عن أن النظام المجرم إنتهـج ، في مواجهته للثورة ، سياسة تعتمد على أربعة محاور مركبة متوازية ، تشتمل على : القمع الدموي الوحشي ، والتضليــــل الإعلامي الكاذب ، وإدعاء الإصلاحات الوهمية ، وإبداء الإستعداد للحوار مع المعارضة . وتعرضنا للمحور الأول بشكل مفصل ، وجاء الآن الدور للحديث عن المحور الثاني الذي يستخدم فيه النظام منظومته الإعلامية في أكبر حملة إفتراء وكذب وتضليل . 
         يشن النظام السوري ، ومنذ بداية الثورة ، حملة تضليل إعلامية لم يسبق لها مثيل . تفوق فيها على جهـابذة التضليل في العصر الحـديث ، كوزير الدعاية النازي " غوبلز " ومذيــع صوت العرب العرب الشهير" أحمد سعيد " ولاحقا " صحَاف " العراق ، و " موسى " ليبيا ، و " جندي " اليمـــن وأمثالهم . وقد إستخدم النظام ، في حملته هذه ، كل وسائله الإعلامية الرسمية ، المقروءة والمسموعة والمرئية . وكذلك المؤسسات الإعلامية الخاصة كقناة " الدنيا " التلفزيونية وجريدة " الوطن" وموقع " شام برس " الألكتروني . هذه المؤسسات التي تفوقت على أسيادها في الكذب والتضليل . كمـا حشد النظـام المجـرم مجموعـة من الأبواق المأجـورة المرتزقـة ، من داخل وخارج سورية ، تجاوزت في تضليلها وإهانتها للشعب السوري الحر كل حدود العقل والتصور .
        وسأعمد ، في السياق التالي ، إلى إلقــاء بعض الضـوء على هـذه الحمـلة التضليليـة الشرسـة ، وتفنيد مضمونها ، ضمن عناوين محددة ، قدر الإمكان :
1- في توصيف الثورة : تخبط النظـام كثيرا ، وتحيـَربشـدة ، ومنذ البداية ، في توصيف الثورة . ففـي الأيام الأولى كانت الثورة عبارة عن مجموعات صغيرة مندسة في صفوف المتظاهرين ، تطلق النار دون تمييز في كل إتجاه . ثم تبدل الأمر نحو إتهـام جماعات أصوليـة تكفيريـة إرهابيـة تسعى  لتفكيك سورية وإنشاء أمارات إسلامية . وتوسع الحديث لاحقا نحو مؤامرة خارجية يمولهــا ويشترك فيهــــا تيار المستقبل اللبناني ، والحكومة القطرية ، وحكومات أخرى لــدول مجاورة ، لـم يتـم ذكرها بالإسم لكن أصابع الإتهام كانت تشير إلى كل من تركيا والأردن . ولم يغفـل دهاة التضليل عن ضم " أيمـــن الظواهري " للقائمة ، فيما بعد ، وبمجرد صدور بيان عنه في تأييد الثورات العربية . كما تم توجيـــه الإتهام لكافة وسائل الإعلام العربية والعالمية بفبركتها للأخبار والصور ومقاطـع الفيديــو، للتحريض على أعمال العنف . وكان كل هذا غير كاف ، على ما يبدو ، في تبرير ما يجري على الأرض ، فبدأ النظام يتكلم ، وعلى لسان السفاح رئيسه شخصيا ، بأنه يواجه تمردا مسلحا منظما يشترك فيه ما يزيد عن ستون ألفـا من المقاتلين المزودين بأسلحة متطورة ، وسيارات الدفـع الرباعي المجهـزة بوســائط مضادة للحوامات ، وهواتف الإتصال الفضائية . وأخيرا إستقر رأي النظـام على أن سوريـة تتعرض لمؤامرة كونية( وليست عالمية فحسب ، فعلى ما يبدو إكتشفت مخابرات النظام إشتراك مخلوقات من المريخ في الثورة ) تساهم فيها أمريكا وأوربـا وإسرائيل والقاعدة ( أيضا ) جنبا إلى جنب ، بهــــدف إسقاط ذلك النظام المقاوم والممانع ، والذي يقف وحده سدا منيعا في وجه كافة الهجمات الإمبرياليـــة والإستعمارية والصليبية والصهيونية و...و.... إلخ .
2- في توصيف مطالب الثوار : في البـدء تم الإقــرار بوجود مطالب مشروعة ومحقة للمتظاهرين ، مع حصرها في المجالات الإجتماعية والهموم المعيشية . ثم ، وعلى إستحياء ، أخذ الحديث منحــــىً آخراً ، وأصبح مصرحاً بـه أن يتـم الكلام عن مطالب سياسية تستوجب إجـراء إصلاحات معينة . ثم إختفت هذه النغمة كليا ، ولم يعد هناك حديث عن مطالب مشروعة ، بإعتبار أن النظام قد قدم " سلـة إصلاحات " لامثيل لهـا تجاوزت طموحـات المتظاهرين بأشـواط ، وبالتالي فإن كل ما جرى بعــــد ذلك لا يمكن إعتباره سوى تخريب متعمد وتآمر مقصود بتحريض من الخارج .
( تعبيـر " سلة " أعجبني كثيرا  فسمحت لنفسي بإستعارتـه من أحـد جهابـذة النظــــام ، وتفسيري أن الإصلاحات كانت مائعة فتسربت من خلال شقوق السلة قبل أن تصل إلى الشعب ، لذلك لم تخلف أي أثر ، وكان الأفضل أن يستخدم النظام " طنجرة " أو " سطل " !!! )
3- في منطق أجهزة النظام الإعلامية وأبواقه المأجورة : شاب الحملـة الإعلاميــة المضللة للنظـــــام المجرم الكثير من الإرتباك والتردد والتناقض ، بالإضافة إلى الوقوع في فـخ الكذب المكشوف مرات عديدة ، فرأس النظـام نفسه لم يكن يدري كيف يتصرف ، وكان يتأرجح يمينا ويسارا ، وخلفــه تلهث الأبواق المأجورة محاولـة رتق ما إنفتق وترقيع ما إنكشف . وكثيرا مـا تنـاقض البـوق مع اقرانــــه ، وحتى مع نفسه بين تصريح وآخر ، ويبدو أن أعوان النظام لم يسمعوا بالمثل المعروف : " إذا كنــت كذوبا فكن ذكورا  " وهناك الكثير من الأمثلة على إرتباك إعلام النظام المجرم ، يحتاج إيرادهــا إلى صفحات عديدة ، سأكتفي بإثنين  منها . فعندما تصاعدت عمليات القتل في الأسابيع الأولى ، سارعت الأبواق إلى تكرار مقولـة أن الرئيس أصدر أمرا قاطعــا بمنـع إستخدام الرصاص الحيَ في إستهداف المتظاهرين . لكنهم ما لبثوا أن تلقوا توبيخات شديدة على ذلك من رؤسائهم ، لأن ذلك يعني ، ضمنيا أنه كان هناك إطلاق فعلي لرصاص حي ، الأمر الذي كان النظام ، ولا يزال ، يسعى إلى إنكاره كليا
معتقدا بغباء أن الشعب السوري ساذج إلى إلى تلك الدرجـة التي يصدق فيها أضاليل النظام ، ويكذب
عينيه وسمعه ، وتسري عليه خدعـة العصابات المسلحة الشبحية التي قتلت الآلاف من الشهداء ، ولا توجـــد إلا في مخيلة أبواق النظام المأجورة . وعندما عقد ما دعي باللقاء التشاوري للحوار الوطني ، يومي 10 ، 11 تموز الماضي ، بإشراف نائب المجرم رئيس النظـام الدميـة " فاروق الشرع " هللت وسائــل إعـلام النظـام لهـذا الحدث التـاريخي ، وإعتبرته إنجــازا غير مسبوق  ، لكنهـــا ما لبثت  أن زُجرت  وُقمعت ، بعد أن تسربت تصريحـــات ناريـة لبعض الوحوش من رؤساء الأجهــزة الأمنيــة يصفون فيها ذلك الحدث ب " اللقاء التآمري " .
4- نماذج من أكاذيب النظام المجرم : لا يمكن لعقل إنسان سوي، ولا حتى لمخيلته ، أن تتصور مدى التضليل الذي مارسه النظام وزعرانه من الأبواق المأجورة . والأسوأ من ذلك الإهانات التي وُجهت للشعب السوري الحر . مما يعكس بدقة الطريقة السافلة التي ينظر بها النظام إلى مفهوم المواطنة :
  - وصف المتظاهرين بأنهم حثالة الشعب السوري . لكن العالم كله يعرف من هم الحثالة الحقيقية .
- التقليل من حجم المظاهرات ، والإدعاء بأن أعدادهم لا تزيد عن العشرات ، وأحيانا المئات . أمــــا   صور التجمعات النصف مليونية  فهي مجرد أخيولة في عقول أعداء النظام .
- عدم الإقرار بالأعداد الحقيقية للشهداء ، والإصرار على أرقام مخفضـة في أوساط الشعب الثائــر ،   ومبالغ فيها جدا بالنسبة لأجهزة الأمن والقـوات المسلحة . ولا تزال البيانات الرسمية تتحـدث عـــن   سقوط 1500 قتيل أكثر من نصفهم في صفوف النظام المجرم . لكن منظمة العفو الدولية ، المشهود   لها بالمصداقية  العالية ، تتحدث عن ما يزيد عن 2800 شهيد . علما بأن تلك المنظمة لا توثق مقتل   أي إنسان ما لم تتـأكد من حقيقـة شخصيتـه أولا ، وهذا يتطلب حصولهــا على شهــادة ميـلاده ، ثم   معرفة ظروف ومكان مقتله ودفنه ، والحصول على وثيقة وفاته الرسمية . وهذا يفسر كون أرقامها   توازي نصف العدد الفعلي لشهداء الثورة الأبرار .
- إستخدام مقاطع مصورة سابقــا من الأرشيف ، لأماكن مميزة ومعروفة جيدا كالساحــات والشوارع   والمساجد ، وعرضها على شاشة التلفزيون بإدعاء أنها صور مباشرة ، لدحض إعلام الثورة .
- تفسير حملات المداهمة الوحشية للمدن بأنها تمت بناء على مناشدة الأهالي للجيش للقدوم لإنقاذهـم   وتخليصهم من إرهاب وترويع العصابات المسلحة .
- إنكار عمليات إطلاق النار على المتظاهرين كليا  ، وكذلك قصف المباني والمساجد والمنشئــــات ،    ودهس  السيارت المملوكـة  للمواطنين بجنازير الدبابات ، وتخريب الممتلكات الشخصية وغـــــير    ذلك من الأعمال البربرية . وأن كل ما شاهده العــالم من جـرائم موثقــة بالصوت والصورة ماهـي   إلا أفلام مفبركة . وقد ساهم الغبي رئيس النظـام بنفســه في حملـة التضليل هــذه بإعتباره خبيــــرا   عسكريا لا يشق له غبارمن خلال خوضه ( ربما في أحلامه ) للعديد من الحروب والمعارك .
- الإدعـاء بأن غالبيـة الشعب السوري لا تزال تؤيد النظام ورئيسه ، ومحاولة إثبات ذلك بالإعتمــــاد على مظاهرات معلبة  تساق إليها الجماهير سوق النعام . وببث صور مقززة للنفس ، مثيرة للمشاعــــر   يظهر فيها زعران النظام وهم يرددون شعار تأليه المجرم السفاح والسجود على صورته القميئــة .   ويظهر أن النظام يتجاهل حقيقة يعرفها العالم بأسره ، وهي أن الحشود الجماهيرية التي يسوقها أي   نظام ديكتاتوري شمولي بالإكراه ليس لها أي دلالة فعلية ، وعلى العكس فهي إدانة للنظام نفســـه ،   والأمثلـة على ذلك كثيرة لا تعد ولا تحصى .
5- وماذا بعــد : رغم كل الوسائل المقرفـة المضللة التي إتبعهـا إعلام النظـام المجرم ، ورغـم كــــل الكذب والإفتراء ، ورغم كل الفبركة والإختلاق ، عجزت الأبواق المأجورة من زعران النظـام عــن الإجابة على العديد من الأسئلة الحيوية  ، سأختار منها إثنين :
أولا : إذا كان الجيش قد دخــل حمـاة بنــاء على طلب ومناشدة أهاليهــــا لتخليصهم من ترويـــع العصابات المسلحة الموهومــة ، فلماذا بقيت ساحــة العاصي في وسـط المدينـــة تمتليء بنصف
مليون ثائر ، ولعشرة أيام كاملة دون أن تطلق فيها طلقة واحدة ، ولم يصب خلالها مواطن واحد بخدش بسيط ؟ وأين كانت تلك العصابات المسلحة التي روعت المواطنين ؟ ولماذا في يوم واحد من دخول الجيش ( المنقذ ) سقط أكثر من مائة قتيل ؟
ثانيا : إذا كانت العصابات المسلحة المعارضة للنظام ( المقـاوم والممانع ) تستهدفــه بعملياتهـــا فلمــاذا لم تتعرض لتلك  المظاهرات المعلبة المؤيدة للنظام ولو برمي بحصة عليها ؟ في الوقـت  الذي تزرع فيه الموت والخراب في صفوف المتظاهرين  المعارضين للنظام أيضا !!         
      وهناك فوق كل هذا التضليل الإعلامي ، ذلك التشدق الأجوف بالإصلاحات الموهومة وهو ما سيكون مضمون المقال الثالث القادم في سلسلة المقالات هذه التي نبحث فيها سياسة النظــــام  السوري المجرم في مواجهة الثورة المباركة .


في 26/9/2011                                         العميد الركن المتقاعد عقيل هاشم

سياسة النظام السوري المجرم في مواجهة الثورة

سياسة النظام السوري المجرم في مواجهة الثورة
أولا : في القمع الدموي الوحشي

إنتهج النظام السوري المجرم ، في مواجهته للثورة ، سياسة مركبة في أربعة محاورمتوازيـة تشتمل على : القمــع الدموي الوحشي ، والتضليل الإعلامي الكاذب ، وإدعاء الإصلاحات الوهميـة ، وإبداء الإستعداد للحوار مع المعارضة .
ونحاول في هذا المقال إلقاء الضوء على كافة جوانب المحور الأول المتمثل في سياسـة القمع الدموي الوحشي التي إتبعها النظام المجرم منذ الأيام الأولى لإندلاع الثورة وإستمر عليها ، بل فاقم فيها ، حتى هذه اللحظة دون أن يردعه رادع . كان من حصيلتها سقوط أكثر من ثلاثة آلاف شهيـــــد وعشرين ألف معتقل ومفقود ، وعشرات الألاف الآخرين من الجرحى والمعاقين والمهجرين .
وقد إعتمد النظام المجرم ، في البدء وحصريا ، على مـا يمكن تسميتهم بقــوات أو أجهـــــزة النخبــة ، المضمونة الولاء ، والتي تشتمل على :
- أجهزة الأمن الرئيسية الأربع : شعبة المخابرات العسكرية ، إدارة مخابرات القوى الجويــة ، إدارة أمن الدولة ( المخابرات العامة ) وشعبة الأمن السياسي ( التابعة شكليا لوزير الداخلية وفعليا للمجرم الأكبر رئيس النظام ) . ولاحقا إضطر النظام لإشراك عناصر من شعبة الأمن الجنائي ( التابعة فعليا لوزارة الداخلية ) والتي تنحصر مهمتها في التعامل مع المجرمين فقط من قتلة ولصوص ومهربيــن وتجارومروجي المخدرات وأمثالهم .
- قوات الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة ( سرايا الدفاع سابقا ) والوحدات الخاصة .
- قوات الشبيحة ( والأفضل تسميتهم ب " قطعان الشبيحة " لأنهم يتصرفون كالحيوانات تماما ) التي تشكلت من بقايا أفراد من عائلة الأسد الذين عملوا سابقا في الإجرام والتهريب،وكان لهم ميناء خاص بهم على الساحل السوري . بعد أن تم تعزيزهم وتسليحهم وتنظيمهم من قبل السلطة الحالية .
وقد إضطر النظام المجرم لاحقا ، ونتيجة لإستمرار الثورة وإتساع رقعتها ، لإشراك كافــــة قوات وفرق الجيش النظامية في مواجهة الثورة ، بما في ذلك القوى الجوية والبحرية . وكان في ذلك بعض المخاطرة . ليس من منطلق أن هذه القوات مخصصة لحمايــة الوطن ، وللدفــاع عن الجبهــــة والحدود والأجواء والسواحل . وأن إستخدامها في غير مهمتها يعرض البلاد لخطرالعدوان الخارجي ذلك إن النظــــام المجرم يؤمن بأن عدوه الأول الذي يشكل التهديــد الوحيــد لوجوده ، لايوجــد فــــي الخارج ولا يتمثل في إسرائيل . بل يتوضع في الداخل ويتمثل بالشعب السوري الأعزل . إنما تكمـــن الخطورة من منطلق أن هذه القــوات غير مضمونة الولاء كليا ، وهذا يفسر كون معظم الإنشقاقــات قد حدثت فيها . و يتطلب ذلك بعض التوضيح .
فقد إستطاع النظام ، منذ عهد السفاح الأب ، أن يصبغ قوات النخبة الأمنية والعسكرية بطابعه الطائفي بشكل شبه كلي ، وبنسبة 90 % على الأقل . لكن ذلك كان متعذرا بالنسبة لباقي قطعــــــات القوات المسلحة النظامية . ذلك أن ذخيرتها البشرية الرئيسية تعتمد على نظام الخدمة الإلزاميــة الذي يعكس بكل دقة واقع ونسب التنوع السوري إثنيا وطائفيا . لذلك جرى التركيز على سلك الضبــــــاط في الجيش النظامي بشكل عام ، وعلى الوظائف القياديـة والحيوية فيه بالذات ، لتكون حكرا - قـــدر الإمكــان - على أبناء طائفة معينة بالذات .
بهذه القوى والوسائط والإمكانيات ، وبهذه البنية الطائفية ، يشن النظام المجرم حملته الدموية الوحشية ضد الشعب السوري الأعزل الثائر . ويستطيع المراقب الخبير لمجريات الأحداث على مدى الأشهر الستة الماضية أن يتبين ملامح الإستراتيجية القمعية التي يتبعها النظام المجرم ، والأســـاليب والطرق التي ينتهجها للقضاء على الثورة السورية :
1- يعتقد النظام أن القمع الدموي المتواصل ، دون قيود أو حدود ، هو السبيل الأول والأخير للقضـاء على الثورة والسيطرة على الأوضاع الأمنية . وأن كل ما عدا ذلك فهي مجرد عوامل مساعدة .
2- ويتضمن مفهوم القمع لدى النظام المجرم إستخدام الوسائل التالية : القتــل ، التدميروالتخريــب ، الإعتقالات ، التعذيب ، الترهيب والترويع ، ولا ندري إن كانت حوادث الإغتصاب قد تمت بشكل فردي أم بأوامر عليا لكي تضم إلى بقية اللائحة .
3- ينفذ القتل بشكل موجه ومسيطر عليه ويتم على نوعين : متعمد ويستهدف أشخاص معينين بالذات من النشطاء ، أو الذين يبرزون في قيادة المظاهرات ، أو يرفعون على الأكتاف ، أويخطبون فيها بالميكروفونات . ويتم هذا القتل بواسطة القناصة . وقتل عشوائي ينفذ دون تمييز ضد المتظاهرين أو خلال الإقتحامات والمداهمات . وعلى ما يبدو فإن النظـام المجرم قد وجه قادتـه الميدانيين لكي يكون قتلا مسيطرا عليه بحيث يتراوح عــدد القتلى في اليوم الواحد بين 25 و 50 ولا يزيــد بأي حال من الأحوال عن مئة . وليس في هذا أي شيء من الرحمـة أو الشفقـة ، بقدر ما هو خوف من من أن يخرج الأمر عن السيطرة ، وتحدث مجازر واسعة النطاق تؤدي إلى تدخل عسكري دولي فوري لايقدر على مواجهته .
4- تنفذ بشكل مخطط ومقصود عمليات تدمير وتخريب تشمل :
- قصف الأحياء والمنازل والمساجد ، وتخريب محتويايها من أثاث وموجودات .
- تدمير السيارات الخاصة والدراجات النارية ووسائط النقل العامة المملوكة لأفراد .
- قصف المحلات التجارية والمهنية ، وسرقة محتوياتها ، وتخريب باقي الموجودات المتعذر سرقتها
وتهدف هذه الأعمال البربريــة إلى الضغط على الثوار في لقمـة العيش ووسيلة الحيــاة . والسلطــة الباغية تعلم أن معظم الثائرين هم من عداد الطبقات الفقيرة وتحت المتوسطة . وتعلم قبل غيرها كم هو كبير تأثير هذا العمل الإجرامي على ذلك الفقير الذي كدح سنوات طويلة لكي يتمتع برؤية براد في منزله ، أو تلفزيون . وها هو يرى حماة الديار يدمرون ممتلكاته بالرصاص وأعقاب البنادق .
أما قيام مجرمي النظام بتدمير وحرق المؤسسات الحكومية ، ووسائط النقل العامة ، فهي جـزء مـن حملة التضليل المريعة ليبرر إتهام الثوار بالتخريب والإجرام .
5- تشن حملة إعتقالات واسعة النطاق في كل أرجاء سورية . ويقدر عدد الذين أعتقــلوا خلال شهور الثورة بأكثر من أربعين ألفـا ، لا يزال نصفهم تقريبا في سجون النظـــام . ولأن قدرة الإستيعـــاب لا تتحمل مثل هذا العدد ، فقد أستخدمت بعض المدارس والمنشئات الرياضية وأقبيــــــة المؤسسات الرسمية وغيرها كسجون مؤقتة ، وأماكن للتعذيب في نفس الوقت . وتستهدف الإعتقالات كل من يتظــاهر أو ينزل إلى الشارع . لكنها تركز على القادة الميدانيين والنشطاء وبعض رموز وقــــادة المعارضة . وتشمل الإعتقالات أعمارا بين العاشرة والثمانيــن ، ومن الجنسيـن ، وأشخاصــا مـن من مختلف مكونات الشعب السوري ،إثنيا وطائفيا . ويستفيد النظام من السلاح الإعلامي الفعــــال للثورة بشكل معكوس . فيحشد جيشــا من عناصر الأمن والمختصيـن بتكنولوجيــا المعلومـــــــات والإتصالات لتفحص الصور والفيديوهات والمقابلات التلفزيونية والتعرف على أسماء وأماكن وجود الشخصيات الفعالة في الثورة ، لكي يجري إعتقالهم فيما بعد . وشملت الإعتقالات كل من لديه قدرة مهنية أو فنية على تأمين نشاطات الثورة لوجستيا ، كالخطاطين وأصحاب محلات الطباعــة والنسخ والكمبيوتر وبائعي القماش الخام وصانعي أعلام الإستقلال السورية ذات النجوم الحمر الثلاث وكل من تثبت أنه قدم أدنى فائدة للثورة .
6- يمارس التعذيب الوحشي الهمجي في سجون النظام بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ الحديث في أي مكان من العالم . سواء من حيث النوع ( الفظاعة الرهيبة في الطرق والوسائل المتبعــــة ) ومن حيث الكم ( الأعداد الكبيرة للأشخاص الذين تعرضوا لهذه المعاملة الوحشية والتي زادت عن بضعة آلاف ) . وقد أودت عمليات التعذيب بحياة المئات من المعتقلين . وقد وثقت منظمة العفــــو الدولية ، المعروفة بمصداقيتها العالية ،88 حالة مؤكدة . ولا ينفذ التعذيب بهدف إنتزاع المعلومات فقط ، وإنما من منطلق الحقد والتشفي والإنتقام لذلك كانت الأظافر تقتلع ، والجلود تسلخ ، والأيادي والأقدام تبتر ، والرقاب تحز ، والحناجر تنتزع . وإنني لأشعر بالقهر والغضب والرعب وأنا أكتب عن هذا الهول ، فكيف أستطيع وصف مشاعر وأحاسيس أولئك الموجودين داخل سوريــة تحــــت تسلط آلة الرعب البربرية هذه .
7- وأخيرا يمارس النظام المجرم سياسة الترهيب والترويع تجاه الشعب بكامله ، حتى ضمن صفوف المؤيدين له ، لكي لا يخطر في بال أحد أن يفكر ، ولو في أحلامه ، بالخروج عن النظـــام . ولذلك تم تسريب العديد من الفيديوهات التي تفضح جرائمهم . وكذلك تم تسليم جثامين الكثير من الشهداء إلى ذويهم وعليها آثار تعذيب مريعة ، وكان بالإمكان دفنها في مقابر جماعية لكي لا يشاهدها أحد . لكن النظــام يعرف أنه لا يستطيع المغالاة في إنتهـاج هــــذا الأسلوب ، فقد ينعكس عليه ، لذلك تراه يلجــأ إليه بحرص شديد ، وبين وقــت وآخـر . لكي تبقـــى وحشية النظام ماثلة في الأذهان على الدوام .
وبعد فهذا ليس سوى غيض من فيض . وهل يستطيع مقـال أو كتــاب أو حتى مجــلدات أن ترقى بوصفها وتأثيرها إلى الإحاطة بكل جوانب حملة القمع الدموي الوحشي تلك التي يرتكبها هذا النظام
المجرم وزبانيته ضد الشعب السوري الأعزل ؟
عندما يزول النظام السوري المجرم ، وهو زائل لا محالة ، بإذن الله ، وتضحيات أبناء ه الثوار الأبطال ، لايذكر أحد أمامي مصطلحات مثل : المصالحة ...والمسامحة..... والعفو عند المقدرة..... وعفى الله عما مضى ..... ومثيلاتها . فقط أريد سماع جملة واحدة فقط : الحساب العسير الصارم . مصداقا لقوله تعالى : " ولكم في الحياة قصاص يا أولي الألباب " صدق الله العلي العظيم .
إن كل يد ضربت مواطنا يجب أن تقطع ، وكل من أزهق روحا يجب أن يعدم ، أما أولئك المتربعين في قمة السلطة المجرمة ، وعلى الأخص ، السفاح الأكبر وشقيقه الأرذل فإني أترك للقاريء أن يتصور ماذا يجب أي أن ينزل بهما من قصاص عادل .

في 15/9/2011 العميد الركن المتقاعد عقيل هاشم

Saturday 24 September 2011

نطالب بالتدخل العسكري الدولي الآن

نطالب بالتدخل العسكري الدولي الآن

          لم يعد مهما أن نقول إن الثورة السورية تتعرض لخطر ماحق ، وهي كذلك بكل تأكيد . وليــس في ذلك أي  إستهتار بالثورة ، ولا إقلال من حجم التضحيات الهائلة التي ُبذلت حتى الآن . ولكن ما يجــري حاليا يمثل ما هو أخطر وأدهى بأضعاف مضاعفة . إن الشعب السوري بأسره مهدد في وجوده ومصيــره ، فالمجزرة الوحشية التي يرتكبها النظام المجرم ضد الشعب السوري منذ أكثر من ستة أشهر قـد حصـــــدت  أرواح ما يزيد عن خمسة آلاف مواطن أعزل ، منهم مئات الأطفال والنساء والشيوخ . وهناك أكثر من 20 ألف معتقل يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب البربري السادي . وعشرات الآلاف المفقــودين والمهجــريــــن والمصابين . إن زهرة شابات وشباب سورية يتعرضون للفناء المنظم المتواصل . والنظام المجرم ماض في حملته الوحشية دون أن يردعه رادع .
             في مواجهة هذه الأخطار الداهمة ، لم تعد تنفع الإدانات ولا العقوبات ولا التهديدات ، ولا قطـــع العلاقات الدبلوماسية ، ولا حتــى الحماية الدولية . فهذا النظام المجرم مستعد لإبــادة الشعب السوري بكامله عن أن يتخلى عن السلطة . وهو لا يفهم سوى لغة القوة ، ولن يردعه عن إجرامه سوى القوة المتفوقة وهذا يتطلب تدخل عسكري دولي حاسم . إن الحكومات العربية وجامعتها الهزيلة عاجزة عن أي فعل جدي ، هذا فيما إذا كانت لديها ، بداية ، الإرادة لمثل هذا الفعل ، وهو أمر مشكوك فيه كليا . ومجلس الأمن عاجز عــن إتخاذ أي قرار بوجود الفيتو الروسي المسلط عليه . تبقى الآمال معلقة  فقط على حلف الناتو .
          هذا بالطبع سيثير علينا عش الدبابير ، ولا يهمني على الإطلاق ماسيقوله زعران النظام وأبواقــــه المأجورة ، فلا شيء يخيف النظـام ويخيفهم سوى التدخــل العسكـري الـدولي . ولا يهمني كــذلك ما سيردده أصحاب العقـول المتخشبـة من القومجيين المجعجعين والمهوليـن من المؤامرة الكونيــة الإمبرياليـــة التــــي تستهدف إحتلال سورية وتمزيقها والإستيلاء على خيراتها ( فيما إذا بقي منها شيء لم تستول عليـه العائلــة المجرمة الفاسدة ) . ولكن يهمني جدا آراء بعض الشباب الوطني المخلص ، سواء داخل الوطن أو خارجه ، الذين يتخوفون من التدخل الخارجي وعواقبه المجهولة ، بل ويخونون من يطالب به ، ويلوحون بمــــا حدث في ليبيا . ويحذرون من تكرار التجربة على الأرض السورية .
          إذن فلننظر بإمعان إلى ذلك ، ولنرى عواقب التدخل الخارجي في ليبيا . لقـد إنتصر الشعب الليبــي الثائر ، وزال وإندثـر النظـام الديكتاتوري ، وهاهو القذافي وأبناءه وأعوانه مابين لاجيء شريد في الخــارج ومطارد رعديد في الداخل . صحيح أن الشعب الليبي دفع ثمنا باهظا لهذا النصر ، تمثل في إستشهاد أكثـــر من ثلاثين ألف مواطن ، وأضعاف أضعافهم من الجرحى والمصابين ، وخسائر مادية تقدر بمئات الملاييــن من الدولارات . لكن الصحيح أيضا أن هذا النصر ما كان ليتحقق لولا التخل العسكري لقوات حلف الناتـو . وكان بالإمكان أن تستمر المذبحة بحق الليبيين أشهرا عدة ، وربما سنوات . وبالتالي كانت الخسائر البشرية والمادية لتتجاوز كل توقع وتصور . وهاهي ليبيا اليوم موحدة ولم تقسم ، ومستقلة ولم تحتل ، وخيراتهــــــا عادت لأصحابها الشرعيين ولم تنهب ، كما نعب البوم الناعبون .
          لنرجع إلى " سورية يا حبيبتي " ولنسألكم أيها الوطنيون الغيورون ، إلى متى تريــدون أن تستمــر هـــــذه المذبحة المشينة  ؟ وكم مزيدا من الشهداء يلزم أن يسقط  حتى تقتنعون ؟ وهل أنهار الدمـــــــاء التي أغرقت شوارع سورية وميادينها رخيصة إلى هذا الحد ؟ ومتى تستيقظون من سباتكم العميق وترون الحقيقة الساطعة بأن ليس بالإمكان إنقاذ سورية من هذا الخطر الماحق سوى تدخل عسكري دولي حاسم ؟
          وليكن معلوما بأنه إذا إستمرت الأوضاع على ماهي عليه ، ولم يتدخل المجتمع الدولي ، ولم يتـــــم أي عمل عسكري حاسم لردع النظام المجرم ، فإن مصير سورية ومستقبلها سيتحدد بأحد إحتمالين ، يحـــار المرء فيهما أيهما أسوأ من الآخر . إما أن يفشل النظام في كبح جماح الثورة ، عندئذ يلجأ إلى البديـــل  الذي يحضره منذ الآن ، والمتمثل في دفع سورية إلى أتون وجحيم حرب أهليـة  طائفيــة لا تبقي ولا تذر ، يذهب ضحيتها مئـات الآلاف من البشر . أو إذا توقفـت الثورة أو فشلت لأي سبب من الأسباب ، لا سمح الله ، فإن النظـــــــام المجرم سيستغل ذلك ، ويشن حملة إعتقالات أنتقامية لا سابق لها ، وسينكل بالشعب الثائر تنكيلا لا مثيل لــــه ، وستدخل سورية في نفق مظلم من الإستبداد والإرهاب والفساد لا نهاية له .  فهل من عاقـــل وطني مخلص يرضى لسورية الحبيبة أحد هذين المصيرين الأسودين ؟
         لنقف جميعا في جبهـة واحدة موحدة ، ولنطالب المجتمع الدولي بالتدخل العسكري الآن ، ولنوجــــه الدعوة الملحة للناتو بأن يتصدى لهذه المهمة دون تأخير . حتى لو تم ذلك بقرار منفرد وخارج أطـار مجلس الأمن الدولي . مع التأكيد على عدم السماح لأي قوات برية أجنبية بالنزول على أرض الوطن . ولنأمـــل أن يلبي الناتو هذه الدعوة قبل فوات الأوان .

في 23/9/2011                                        العميد الركن المتقاعد  عقيل هاشم

Friday 23 September 2011

The Syrian Opposition Abroad

The Syrian Revolution 2011 الثورة السورية ضد ب...Image by via Flickr
Flag of Syria















The Syrian Opposition Abroad






There is an immensely captivating tale behind the Syrian opposition abroad. In less than four months, the average Syrian citizen observed with astonishment the different opposition conferences with differing points of view, national assemblies, committees, commissions from near and far, declarations, statements and plans that encompassed the heavens and the earth, and to top it all, criticisms and finger pointing on the satellite channels, the media outlets, the Internet and different web-sites. Amid all this, the helpless citizens as well as the specialized experts are equally at a loss in trying to comprehend these events, or in making a distinction between the different conferences or assemblies.

In what follows, I will give my best attempt at recounting, in chronological order and in simplest terms, the events and chapters of this unfortunate and sad tale:

1.     In the beginning, the” Antakia (Turkey) Conference for Change” was convened, and as a result, a consultation commission was created that selected from within its members what became known as an “executive office”. Silence ensued and no further movements were detected. However, this conference did create two positive matters of utmost importance:
                               i.            Confirmation that it does not represent the revolution, rather it supports it, and
                             ii.            Redirecting the major points of difference raised in this conference to the Syrian people to give their decision, after the successful end of the revolution and through fair and legitimate democratic means, including the identity of the future state, its name and the basis of its constitution among others.
2.     Following this conference was the convening of a series of local conferences in Belgium, Austria and France which did not result in anything of importance but paved the way for multiple dialogues addressing various topics that are of relevance to the Syrian citizen and to certain aspects of the revolution itself.
3.     Then came the Syrian Salvation conference that was convened in Istanbul under the leadership of the well-known opposition figure, Haitham Al-Maleh. All indications, based on leaked information from within its framework, were that this conference will result in the establishment of a government-in-exile, however multiple problems and differences, as it seems, prevented this from coming to fruition. The participants returned with nothing to show for their efforts.
4.     Several opposition figures then met and discussed efforts to create what was to be known as revolution’s “Council of intellectuals”. Several opposition figures were identified and nominated and an initial list of names was circulated listing thirty names. Unfortunately, this effort was terminated at this juncture.
5.      Another conference was then convened in Istanbul under the sponsorship and guidance of the same party that financed the first opposition conference in Antalya. This conference completed its agenda with astonishing speed and a closing statement was announced from Ankara towards the end of the past month. This statement was made by one of the youth of the revolution and included the creation of a “Transitional National Council” with 94 members, of which slightly less than half are from the opposition within Syria. It was apparent that the organizers of this conference had leveraged the initial list of the proposed “Council of Intellectuals” and added on to it from within their own ranks to reach the current number. This conference died during birth or was actually still-born, as it ignited an eruption of objections and specifically with regards to the way the names were selected. Many of the council members objected at how their names were thrust into the list without prior consultation, including the president himself.
6.      Two weeks later, another announcement was made out of Turkey as well, to the creation of the “Syrian National Council” which is comprised of 140 members of which only 71 were revealed and the rest remaining confidential for security purposes. It is still early to predict the outcome of this council, however all indications to date are positive, specifically with regards to the names listed and especially after the “Union of the revolution Coordinating Committees” declared their (reserved) support and joined ranks.
7.     Several political entities were later formed under different labels and titles, most of which did not receive any publicity or support.

It seems however that there is a confusion in the naming of these occurrences, or in understanding the terminology and especially as it relates to the term “Transitional”.  The situation that requires the establishment of a transitional entity coincides with or after the downfall of the regime, or its loss of control over a sizeable portion of the state territories, as this necessitates the immediate setup of a temporary leadership for the affairs of the state, or the liberated portion of it.

Let us learn from and make use of the Egyptian and Libyan experiences, not necessarily considering them as an ideal model to follow. To each country or revolution its own individual and unique characteristics and situations which may require different and more appropriate actions.

In Egypt, the regime collapsed and the Supreme Military Council had taken over running the affairs of the country on a temporary basis, similar to the transitional council. They then went on to form a temporary government, as in a transition government pending the end of this transitional period at which time the authority is handed over to the rightful owner, the people of Egypt, through fair and legitimate democratic means.

As for Libya, the eastern territories were liberated from the grip of the criminal Qaddafi regime, which covers approximately 40% of the population of Libya and tens of cities and towns. There became an urgent need for an entity to lead the affairs of the region and to provide for its inhabitants the essential services such as security, education, health, transportation, services, petroleum industry, etc. As a result, the Transitional Council was created which included figures from across Libya including the areas still under the regime’s control. Out of this council, an executive office was then created under the leadership of Mahmoud Jibreel as a transition government to perform the above mentioned leadership tasks.

 In Syria on the other hand, the criminal regime has yet to fall or to lose control over any portion of its territory. The regime is still fully in control and its repressive, criminal and barbaric system is still holding together tightly and so we have a long and difficult road ahead of us before such conditions warrant the creation of a transitional entity of any kind.

There is however a critical, fatal and dynamic need for an entity or commission, more appropriately labeled as a National Council, to be present abroad to represent the Syrian revolution and the free Syrian population in front of the Arab and international delegations and to support the efforts of the revolution within Syria in all the means and ways possible. This council would also bring about a smaller executive office or leadership committee whose members are fully dedicated to achieve these patriotic tasks with an established base in nation with proximity to Syria, where Turkey would be the ideal candidate. There is a long list of the tasks, efforts and responsibilities that his council will need to achieve.

It seems that the national council which was announced on the 15th of the current month of September is qualified to be the start and core of this dynamic effort, within the following conditions:
-         First of all, the unconditional representation of the revolution within Syria by the council ahead of any other matter. As such, the Supreme Council for the Leadership of the Revolution and the General Assembly of the Syrian Revolution and any other internal revolutionary entity must immediately announce their support of and membership in the council as did the coordinating committees union.
-         That it represents, as best possible, the entire spectrum of the opposition inside Syria and abroad without excluding any party from any affiliation whether it be religious, ethnic or secular.
-         To be excluded are any parties that participated in or collaborated with the criminal regime, currently or at a distant past, obviously including the criminal Rifaat Al-Assad and his supporters, as well as the Salvation Front headed by Abdel Halim Khaddam and their likes. Needles to mention the puppet political parties that formed what si called the Internal National Progressive Front.
-         There are also many cases of difference that may be resolved through proper dialogue and need not be addressed now. What is important now is to immediately begin the true and serious work.

In this context, there remains one note that cannot be ignored, despite that this article is specific to the discussion regarding the Syrian Opposition abroad, and it is represented in the dynamic necessity to unify and unite all the revolutionary entities on the field within Syria under one canopy including the “Free Army” corps. The legitimacy and credibility of any national council abroad is only derived from the unified interior revolutionary entity.

Let’s all be united as one hand to bring about the success of the blessed revolution of the Syrian people and to bring to an end the barbaric, criminal and corrupt regime and in God we put our trust.

By Brigadier General Akil Hashem                      on September 21st, 2011
Enhanced by Zemanta

Thursday 22 September 2011

المعارضة السورية في الخارج

المعارضة السورية في الخارج


          للمعارضة السورية في الخارج قصة ، تثير العجب العجاب . في أقل من أربعـــة أشهر تابع المواطــن السوري بإندهـاش مؤتمرات للمعارضة يمينــــــا وشمالا ، ومجالس وطنيـــــــة وهيــئات ولجان هنــا وهناك ، وتصريحات وبيانات وخطط غطت الأرض والسماء ، وفوق كل ذلك إنتقــادات وتبـــادل للإتهامـــات على الشاشات الفضائية وصفحـات الإعـلام والإنترنت والمواقع  الألكترونيـة . ويعجز المواطــن المسكين ، بل حتى الخبير المختــص ، في محاولـــة فهم ما يجري ، وفي التمييـــز والتفريق بين هذا المؤتمر وذاك ، وهذا المجلس وذاك .
         وسأحاول فيمــا يلي إستعــادة أحــداث وفصول هـذا القصة المؤسفة  بترتيب وتسلسل زمنــي  قدر الإمكان ، وبتبسيط  سردي حسب القدرة :
1- في البداية ، عقد مؤتمر أنطاليا ( تركيا ) للتغيير . ونتجت عنه هيئـة إستشاريــة إختارت من بيــن     أعضائها ما دعي بمكتب تنفيذي . ثم ساد الصمت وتوقفت الحركة . لكن هذا الموتمر أنتج  شيئـان     في غاية الأهمية والإيجابية :  الإقرار بأنه لا يمثل الثورة بل يدعمها . وإحــالة القضايا الخلافيـــة     الكبرى المثارة راهنا للشعب السوري ليقول فيها كلمته ، بعد إنتصار الثورة ، من خلال الممارسة     الديمقراطيــة النزيهة الشفافة ، ومنها هوية الدولة المقبلة ، وتسميتها ، وأسس دستورها وغيرها .
2- ثم تبعت ذلك عقد مجموعة من المؤتمرات المحلية ، أو الفرعية ،  في بلجيكــا والتمســا وفرنســـا     التي لم تخرج بشيء جدي أو هام ، لكنها أفسحت المجال لحوارات متعددة في قضايا مختلفة تهـــمَ     المواطن السوري والثورة من بعض الزوايا .
3- وجاء المؤتمر السوري للإنقــاذ الذي عقد في إستنبول برئاسة المعارض هيثم المـالح ، وكان مــن     المتوقع ، حسب التسريبات من داخل أروقته ، أن يخرج بحكومــة ظل أو منفى ، لكن إشكالات أو     إختلافات عدة ، على ما يبدو ، أعاقت ذلك . وعاد المؤتمرون من المولد بلا حمص .
4- بعد ذلك تشاور عدد من المعارضين من أجل تشكيل ما سمي ب " مجلس الحكماء " للثورة ،  وتم     ترشيح وتسمية عــدد من الشخصيات المعارضـة ، وتم تنظيم لائحة مبدئيـة بالأسماء تضـم حوالي     ثلاثين إسما ، لكن هــــذه  المبادرة توقفت عند هذا الحد .
5- ثم ُعقد مؤتمر آخر في إستنبول ، بتمويل ورعايـة  نفس الجهــة التي مولت أول مؤتمر للمعارضة    في أنطاليا . وأنجز المؤتمر أعماله بسرعة بالغــة ،  وصدر عنه بيان  ختامي من أنقــرة ، أواخــر   الشهر الماضي ، وبصوت أحد شباب الثورة ، يتضمن تشكيــل " مجلس  وطني إنتقالي " يضم 94    شخصا ، أقـل من نصفهم بقليـــل مــن معارضة الداخــل . وتبين أن منظموا المؤتمر إستفادوا مــن   اللائحــة المبدئيـة لمجلس الحكمــاء  المقترح ، وأضافـوا عليها مـن عندهم  حتى إكتمــل العدد على   ما هو عليه . وقد ولد هذا المجلس ميتا  أو مات قبل أن يولد . ذلك أنه أثار زوبعة من الإعتراضات   وخاصة من حيث الطريقة التي تمت   بها عملية إختيار الأسماء . وقد إعترض الكثير من أعضـــاء   المجلس على زج أسمائهم  دون إستشارة ، بما فيهم رئيسه نفسه .
6- ولم يمضي سوى إسبوعيــن حتى تم الإعلان ، ومن تركيا أيضا ، عن تشكيل " المجلس الوطنــي    السوري " من 140 شخصا ذكرت أسماء 71 منهم  وأحتفظ بسرية باقي الأسماء لمبررات أمنيـة .    ويبــدو أن الوقت لا يزال مبكرا للحكم على هذا المجلس ، لكن المؤشرات تبدو إيجابية حتى الآن ،    وخاصــة من حيـث  الأسماء الواردة فيه ، وكذلك بعد أن أعلن إتحاد تنسيقيات الثورة ، يوم أمس ،   تأييـــــده  للمجلس ( بتحفظ ) وإنضمامه إليه .
7- وبين هذا وذاك تشكلت بضعة كيانات سياسية تحت تسميات مختلفة ، لم يحظ معظمها بأي دعاية     أو إهتمام .
           ويبدو أن هناك خلطا في إطلاق التسميات ، أو في فهــم المصطلحات ، وخاصة فيما يتعــلق بمفهوم  " إنتقالي " . فالوضع الذي يتطلب إنشاء كيان إنتقالي ما ينشأ مع أو بعد سقوط النظــــام ، أو فقدانـــــه السيطرة على جزء معتبر من أراضي الدولة . حيث يتطلب ذلك بشكل فوري ضرورة قيام إدارة مؤقتة لشؤون الدولة ، أو الجزء المحرر منها .
        لنستفيد من التجربتين المصرية والليبية ( دون أن يعني ذلك إعتمادهما كمثال يحتذى ، فلكــــل بلد أو ثورة مواصفات وظروف ذاتية خاصة تتطلب بالتالي إجراءات مناسبة مختلفة ) .
       في مصر سقط النظام ، فتولى المجلس العسكري الأعلى مسؤولية إدارة الدولة بصورة مؤقتــة ( أي أصبح بمثابة مجلس إنتقالي ) وتشكلت بأمره حكومة مؤقتة ( أي بمثابة حكومة إنتقالية ) ريثمـا تنتهي المرحلة الإنتقالية ، ويعهد بالسلطة لصاحبها الشرعي ، الشعب المصري ، من خلال العمليـــة الديمقراطية النزيهة .
       في ليبيا تحررت المنطقة الشرقية من سلطة نظام القذافي المجرم ، التي تضم حوالي 40% من الشعب الليبي ، وعشرات المدن والبلدات . وكانت هناك حاجة ملحة لإدارة شؤون تلك المنطقة وتلبية متطلبات مواطنيها ( الأمن والتعليم والصحة والمواصلات ومنشئات النفط والخدمات ....الخ ) فتشكل المجلس الإنتقالي ، الذي ضم شخصيات من كل أنحاء ليبيــا بما فيها تلك المناطــق التي لا تزال تحت سيطرة النظام ، وإنبثق عنه مكتب تنفيذي برئاسة محمود جبريل ( بمثابة حكومة إنتقالية ) للقيام بتلك المهام الإدارية المذكورة أعلاه .
       في سورية لم يسقط النظام المجرم بعد ، ولم يفقد السيطرة على أي جـزء من أرض الدولة ، ولا يزال النظام مسيطرا ، ومنظومتـه القمعيـة الوحشيـة متماسكة ، وبالتالي فأمامنا شوط طويــل وعسير وشائك حتى ينشأ مثل ذلك الظرف الذي يتطلب تشكيل كيان إنتقالي من أي نوع أو مستوى .
      لكن هناك حاجة ملحة وحيوية ومصيرية في قيام كيان أو هيئة ( والأنسب تسمية مجلس وطني ) في الخارج لتمثيل الثورة السوريــة والشعب السوري الحر أمــام المحافل العربيـة والدوليــة ، ودعـم جهود الثورة في الداخل بكل الطرق والوسائل الممكنة . ينبثـق عنـه مكتب تنفيــذي مصغر أو لجنـــة قيادية ، يتفرغ أعضائها كليا للقيام بمهامهم الوطنية ، ويؤسسون مقرا لهم في دولة قريبة من سوريــة ( ولا يوجد أفضل وأنسب من تركيا ) . وهناك لائحة طويلة بالمهام والجهود والمسؤوليات التي يجب أن يتصدى للقيام بها المجلس المذكور .
        ويبدو المجلس الوطني الذي أعلن عن إنشاءه يوم 15 إيلول الحالي مؤهلا ليكون البداية والنواة في هذا العمل الحيوي . ضمن الشروط التالية :
- أن يتـم بشكل مؤكد تمثيل المجلس لقوى الثـورة في الداخل ، أولا وقبل أي أمر آخر . وهــذا يتطلب أن يسارع المحلس الأعلى لقيادة الثورة بإعلان تأييده وإنضمامه وكذلك الهيئة العامة للثورة السوريـة وأي كيان ثوري آخر في الداخل ، كما فعل إتحاد التنسيقيات .
- أن يمثل ، قدر الإمكان ، كل أطياف المعارضة السورية في الداخل والخارج ، والفعــاليات الأخرى دون إقصاء أو إبعاد لأي جهة أو طرف من أي إنتماء أو خلفية عقائدية أو دينية أو إثنية أو طائفية .
- يستثنى من ذلك كل جهة شاركت في النظام المجرم أو تعاونت معه ، سابقـا أو لاحقـا ، بما في ذلك الأفراد . وهذا يشمل ، بالطبع ، المجرم رفعت الأسد وأعوانه ، وجبهة الخلاص ( عبد الحليم خدام )
وأمثال ذلك . ومن نافل القول التفكير بأحزاب الدمى المنضوية في مسخرة ما يدعى بالجبهة الوطنية التقدمية في الداخل .
- وهناك كثير من القضايا الخلافيـة الجزئيـة التي يمكن حلها من خلال العمل والحـوار الخلاق ، ولا داعي للإنشغال بها الآن ، فالمهم في هذه الأوقات العصيبة أن يبدأ العمل الجدي فورا .
         بقيت ملاحظة أخيرة لا يمكن إغفالها في هذا السياق ( رغم أن المقال مخصص للحديث عـــن المعارضة السورية في الخارج ) وتتمثل في الضرورة الحيوية لتوحيد كل الكيانات الميدانية الثوريـة فـي الداخل تحت مظلة واحـدة ، بما في ذلك تنظيـم " الجيش السوري الحر " . ذلك إن مشروعيـة أي مجلس وطني ومصداقيته في الخارج لا تستمد إلا من الداخل الثوري الموحد .
         فليتكاتف الجميع يدا واحدة في العمل على إنتصار ثورة الشعب السوري المباركة  والقضــاء على النظام البربري المجرم الفاسد ، والله الموفق .


في 21/9/2011                                                
العميد الركن المتقاعد  عقيل هاشم