Friday 30 September 2011

المعارضة المخملية




The Syrian Revolution 2011 الثورة السورية ضد ب...Image by via Flickr



المعارضة المخملية




          يُفصح معارضو الداخل ، يوما بعد يوم ، عن مواقفهم الحقيقية المتخاذلة ، وممالئتهم للنظـام المجرم وإبتعادهم عن قضية الثورة، ووقوفهم ، إن عن قصد وتعمد أو عن غباء وسطحية ، في صف النظـام الباغي دون أي إدراك لخطورة ذلك على مصير الثـورة . ففي المؤتمر الـذي عقـدته مجموعـة من أبرز شخصيـات المعارضة في الداخل يوم 18 /9 الماضي خرج الحضور بشعار اللاءات الثلاث : لا للعنف ، لا للطائفيـــة  ولا للتدخل الخارجي . دون أي تمييز بين الجلاد والضحية  ودون الإشارة إلى أن العنف الوحشي المفــرط في القوة الذي يمارسه النظام المجرم هو الذي يدفع بالبعض اليائس إلى حمل السلاح والدفاع المشروع عــن النفس والحرمات ، بينما لا تزال نشاطات الثورة في غالبيتها الساحقة متصفة بالسلمية التامة .وبتجاهل كامل لحقيقة أن النظام المجرم ينتهج منذ أربعين عاما سياسة تمييز طائفي بشعة يعرفها القاصي والداني في الوقت الذي ينادي فيه الثوار ليل نهار " الشعب السوري واحد " . وبتنكر مفضوح لأنهار الدماء المسفوحة وقوافـل الشهداء المتعاظمة ، والإصرار بكل غباء وتخاذل على رفض التدخل الخارجي بشكل قاطع ، دون طرح أي خيارات أخرى بديلة لوقف نزيف الدم ، كالحماية الدولية أو التدخل العربي أو الحظر الجوي ، ودون النظـر بأي إعتبار لمطالب الثوار الذين خصوا يوم جمعة محدد  بتسمية " جمعة الحماية الدولية " كما رفعوا مرارا وتكرارا لافتات تطالب بالتدخل الدولي العسكري لإيقاف المجزرة الدموية المستمرة .
          قبل ذلك بفترة ، صرح المعارض البارز " ميشيل كيلو " بأن المعارضـة في الداخـل لا ترفع شعار إسقاط النظـام ، وإنما تسعى للتغيير السلمي المتدرج من خلال الحــوار مع النظام . وعــاد أمس ، في مقابلة  لــه مـع وكــالة الأنباء الفرنسية ، ليكـرر نفس المنطــق المتخـاذل وبوضوح لا يقبل اللبس ، مشددا على رفض التدخل الخارجي ومعارضة لجوء الثوارإلى حمل السلاح . متناسيا أن الشعب السوري الثائر ، ومنذ الأسابيع الأولى للثورة ، وبعد سقوط المئات من الشهداء ، حدد مطلبين لا يمكن المساس بهما : رفض الحوارمع النظام المجرم ، والمطالبة بإسقاطه .  وفي إتصال هاتفي مـع  قنـاة الجزيرة أكد المعارض " فايز سارة " يوم أمس ، في تعليقه على الإشتباكات الدامية في الرستن ، أن هـذه الأعمال تضـر  بقضية الثورة . متجاهلا جملة من الحقائق الساطعة ، وأولها أن أبطال الجيش السوري الحر إنما يخوضون هذه المعركة - غير المتكافئة - دفاعا عن أنفسهم وأهاليهم وحرماتهم  وثانيها أنهم غير معنيين على الإطلاق  بقضية سلمية الثورة ، وثالثها أن قادة الجيش الحر قد صرحوا مرارا بأن النضال الثوري في سوريــة يسير  على خطين متوازيين : الحراك الشعبي السلمي في الساحات والميادين ، والتصدي المسلح من قبل جبابرة   الجيش الحر لآلة قمع وحشية همجية لا تفهم سوى لغة القوة .
         في مقال سابق ، كتبت عن شعوري بالحزن والأسف لإضطراري للتعرض لمعارضي الداخل بالنقد  والعتاب على تحركاتهم غير المفهومة ( ولا أقول المشبوهة ) ، منطلقــا في ذلك من كوني أكن لمعظمهم ، من خلال المعرفة الشخصية ، كل إحترام وتقدير لتاريخهم النضالي المشرف ، ولما يتمتعون به من كفــاءة وثقافة ومعرفة . لكنني اليوم أجد نفسي متحللا من أي أسف ، فقد تجاوزوا في مسلكهم كل حدود المعقــــول  والمقبول . ولم يعد مهما البحث في دوافع هؤلاء المعارضين ، سواء كانت عن حسن طويـة أم سوء نيـة ،  ولن أذهب في ظنوني بعيدا للإستنتاج بأنهم ، أو بعضهم على الأقل ، مخترقون من النظام المجرم ومعلبون  ضمن آلته الدعائية . فالنتيجة واحدة مهما إختلفت الدوافع ، وهي أن المعارضة السورية في الداخــل تسيء  للثورة إساءة بالغة ، وتتنكر لدماء الشهداء الأبرار ، وتسير في نهج مشبوه لا يخدم سوى النظــام المجــــرم  وخططه للقضاء على الثورة المباركة .
          وفي الختام أوجه النداء لمعارضة الداخل المخملية بأن تلتحق بركب الثورة الظافرة،وترفع شعارات  الشعب السوري الهادر ، أو فلتصمت صمتا نهائيا . فالشعب السوري يقول بصوت واحد :
- لا للحوار مع النظام المجرم ، نعم لإسقاطه وإقتلاعه من جذوره .
- لا لطائفية النظام المجرم ، نعم لوحدة الشعب السوري بكل مكوناته .
- لا لعنف وهمجية النظام المجرم ، نعم لسلمية الثورة ، ونعم ألف نعم للنضال المسلح الذي ينتهجه جبابرة    وأبطال وصناديد الجيش السوري الحر .

في 30/9/2011                                             العميد الركن المتقاعد  عقيل هاشم

سياسة النظام السوري المجرم في مواجهة الثورة

سياسة النظام السوري المجرم في مواجهة الثورة
رابعا وأخيرا : في إبداء الإستعداد للحوار

          لم يسبق للنظام المجرم ، قبل تفجر الأحداث الراهنة ، أن إعترف  بأي معارضة لحكمه علـى  الإطلاق . كانت الأبواق المأجورة تتهم أي معارض للسلطة بأنه عميل ومرتبط وخائن ومنفذ لأجنـدة  خارجية وغير ذلك من التهم الجاهزة دوما للإطلاق رشا ودراكا . ومنذ أن تم وأد ربيع دمشق أوائـل  عام ( 2001 ) ، والنظام المجرم يمارس سياسة البطش والملاحقـة بحـق كـل مـن تسول لــه نفســــه معارضة الحكم . كان مجرد إنتقاد النظام في مقابلة تلفزيونية مع فضائية ما ، أو كتابة مقال نقدي فـي  وسيلة إعلامية سببا في إعتقال صاحبه وتقديمه لمجكمة أمن الدولة – سيئة الصيت – والزج بـه فــي  السجن لسنوات بتهم مضحكة مثل : إضعاف الشعور القومي ، ووهن نفسية الأمة ، والإساءة لسمعـة  البلد ، ومثيل ذلك من التهم السخيفة . ولم يتغير واقع الحال قيد شعرة بعد إلغاء محكمة أمن الدولــة ،  فالمحاكم المدنية والجنائية المرتهنة لدى النظام قامت بممارسة نفس الدور وأكثر .
         الآن ، وبعد أن تفجرت الثورة وتساقط الشهداء بالآلاف ، بدأنا نسمع الأصوات الملحة بالدعوة إلى الحوار الوطني . نفس الأصوات التي كانت ُتخون وُتجرم كل أطياف المعارضة في السابق .الآن أصبح النظام المجرم يدعو إلى الحوار : " تعالوا إلى طاولة الحوار ، قلوبنـا وعقولنـا مفتوحـة لكم !! أيدينا ممدودة بإتجاهكم !! " لكن يجب أن نعلم كيف يفهم النظام هذا الأمر :
- إن أنسب حوار يفضله النظام هو ذلك الذي يجريه مع نفسه !
- وإن لم يتوفر ذلك فمع مجموعة منتقاة من أغنام المعارضة في الداخل .
- و معارضة الخارج خط أحمر ، فهؤلاء جميعا عملاء للإمبريالية والإستعمار .
- أما ممثلي الشعب الحقيقيين من الثوار والناشطين ، فهم مندسـون ومتمـردون مسلحـون وأصوليـون     إرهابيون ومخربون وعصابات إجرامية ، وفوق كل ذلك حثالة ورعاع لايمكن الحوار معهم .
- وأهم شيء يناسب النظام في هذا المجال ، أن يتم الحــوار بإسلـوب المماطلــة والتسويف وكســـب    الوقت فقد تستطيع آلتـه القمعية ، خلال ذلك ، القضاء على الثورة وعندئذ تنتفي الحاجة كليـــا لأي      حوار على الإطلاق ، وكفى الله المؤمنين شر القتال .
        في ظل هـذه المنطلقات ، دعت السلطة الغاشمة إلى عقد ما دعي ب " اللقاء التشاوري لمؤتمـر الحوار الوطني " يومي 10-11 من تموز الماضي تحت إشراف نائب رئيس النظام الدمية " فــاروق الشرع " . وجاءت الدعوة إليه منقوصة من أي جهة ممثلة للشعب الثائر ، ومتأخرة أربعة أشهر عــن بدء إندلاع الثورة ، لم يتوقف فيها القتل والتدمير لحظة واحدة ، بل إستمر خلال المؤتمر بحيث طغى صوت الرصاص في الشارع على مناقشات المتحاورين في القاعة . ومع ذلك تسربت تصريحـــــات غاضبة لمسؤولي النظام ناعتة ذلك اللقاء التشاوري ب " اللقاء التآمري " .
        وكان من المفروض أن يكون اللقاء تمهيدا لعقد مؤتمر للحوار الوطني . لكن صمتا مريبا أسدل الستار على أي تحرك لمدة شهرين كاملين ، كانت فيهما أعداد الشهداء تتصاعد وتتعاظم . ثم أخــــــذ الإعلام المأجور يتكلم عن عقد مؤتمرات محلية في المحافظات للحوار . وتصوروا معي ذلك الحـوار الذي يمكن أن يجري في محافظات ملتهبة مثل حمص وحماة وإدلب ودير الزور ودرعا واللاذقيــــة وباقي الأرجاء السورية المشتعلة ؟ بالطبع كانت كل تلك المؤتمرات الفرعية مجرد مسرحيات هابطة  لا تستحق مجرد الحديث عنها .
        اليوم ، بدأنا نسمع عن وجود نية لعقد لقاء تشاوري آخر ! تصوروا معي ، بعد سبعة أشهرعلى إندلاع الثورة الدامية ، وثلاثة أشهر على عقد أول مسعى حواري يفترض فيه أن يكون أحد السبـــــل لإطفاء النار ، تتفتق عبقرية جهابذة النظام عن التفكير الآن في عقد لقاء تشاوري ثان تمهيــدا لعقـــد مؤتمـر حوار وطني شامل في وقت لاحق من المستقبل لا يعلم إلا الله متى سيكون ذلك . وقد تدعـــو الحاجة للقاء تشاوري ثالث ، ومتى ستنتهي هذه الأكذوبة السمجة ؟ لا أحد يدري .
          النظـام المجرم الوحشي الفاشي لا يعرف سوى نوع واحد من الحوار فقط :  حوار الرصاص والقنابل والمتفجرات . وكل ما يدعيه من إستعداد للحـوار ليس إلا كـذب وتضليـل وخـداع . وحتى لو كان صادقا ( معاذ الله ) فالشعب السوري يرفض رفضا قاطعا أي حوار مع القتلة واللصوص . وقــد أعلنها منذ الأسابيع الأولى للثورة المباركة : لا حوار مع النظام ! وكما قلنا أعلاه بأن النظام لا يعرف سوى لغة الرصاص ، والأمل كبير أن يذيقه الشعب الثائر ، وأبطال الجيش الحر قريبا هذه اللغـة إن شاء الله .

في 30/9/2011                                      العميد الركن المتقاعد  عقيل هاشم