Monday 26 September 2011

سياسة النظام السوري المجرم في مواجهة الثورة السورية

سياسة النظام السوري المجرم في مواجهة الثورة السورية
ثانيا : في التضليل الإعلامي الكاذب 

         تحدثنا في المقـال الأول من هذه السلسة ، عن أن النظام المجرم إنتهـج ، في مواجهته للثورة ، سياسة تعتمد على أربعة محاور مركبة متوازية ، تشتمل على : القمع الدموي الوحشي ، والتضليــــل الإعلامي الكاذب ، وإدعاء الإصلاحات الوهمية ، وإبداء الإستعداد للحوار مع المعارضة . وتعرضنا للمحور الأول بشكل مفصل ، وجاء الآن الدور للحديث عن المحور الثاني الذي يستخدم فيه النظام منظومته الإعلامية في أكبر حملة إفتراء وكذب وتضليل . 
         يشن النظام السوري ، ومنذ بداية الثورة ، حملة تضليل إعلامية لم يسبق لها مثيل . تفوق فيها على جهـابذة التضليل في العصر الحـديث ، كوزير الدعاية النازي " غوبلز " ومذيــع صوت العرب العرب الشهير" أحمد سعيد " ولاحقا " صحَاف " العراق ، و " موسى " ليبيا ، و " جندي " اليمـــن وأمثالهم . وقد إستخدم النظام ، في حملته هذه ، كل وسائله الإعلامية الرسمية ، المقروءة والمسموعة والمرئية . وكذلك المؤسسات الإعلامية الخاصة كقناة " الدنيا " التلفزيونية وجريدة " الوطن" وموقع " شام برس " الألكتروني . هذه المؤسسات التي تفوقت على أسيادها في الكذب والتضليل . كمـا حشد النظـام المجـرم مجموعـة من الأبواق المأجـورة المرتزقـة ، من داخل وخارج سورية ، تجاوزت في تضليلها وإهانتها للشعب السوري الحر كل حدود العقل والتصور .
        وسأعمد ، في السياق التالي ، إلى إلقــاء بعض الضـوء على هـذه الحمـلة التضليليـة الشرسـة ، وتفنيد مضمونها ، ضمن عناوين محددة ، قدر الإمكان :
1- في توصيف الثورة : تخبط النظـام كثيرا ، وتحيـَربشـدة ، ومنذ البداية ، في توصيف الثورة . ففـي الأيام الأولى كانت الثورة عبارة عن مجموعات صغيرة مندسة في صفوف المتظاهرين ، تطلق النار دون تمييز في كل إتجاه . ثم تبدل الأمر نحو إتهـام جماعات أصوليـة تكفيريـة إرهابيـة تسعى  لتفكيك سورية وإنشاء أمارات إسلامية . وتوسع الحديث لاحقا نحو مؤامرة خارجية يمولهــا ويشترك فيهــــا تيار المستقبل اللبناني ، والحكومة القطرية ، وحكومات أخرى لــدول مجاورة ، لـم يتـم ذكرها بالإسم لكن أصابع الإتهام كانت تشير إلى كل من تركيا والأردن . ولم يغفـل دهاة التضليل عن ضم " أيمـــن الظواهري " للقائمة ، فيما بعد ، وبمجرد صدور بيان عنه في تأييد الثورات العربية . كما تم توجيـــه الإتهام لكافة وسائل الإعلام العربية والعالمية بفبركتها للأخبار والصور ومقاطـع الفيديــو، للتحريض على أعمال العنف . وكان كل هذا غير كاف ، على ما يبدو ، في تبرير ما يجري على الأرض ، فبدأ النظام يتكلم ، وعلى لسان السفاح رئيسه شخصيا ، بأنه يواجه تمردا مسلحا منظما يشترك فيه ما يزيد عن ستون ألفـا من المقاتلين المزودين بأسلحة متطورة ، وسيارات الدفـع الرباعي المجهـزة بوســائط مضادة للحوامات ، وهواتف الإتصال الفضائية . وأخيرا إستقر رأي النظـام على أن سوريـة تتعرض لمؤامرة كونية( وليست عالمية فحسب ، فعلى ما يبدو إكتشفت مخابرات النظام إشتراك مخلوقات من المريخ في الثورة ) تساهم فيها أمريكا وأوربـا وإسرائيل والقاعدة ( أيضا ) جنبا إلى جنب ، بهــــدف إسقاط ذلك النظام المقاوم والممانع ، والذي يقف وحده سدا منيعا في وجه كافة الهجمات الإمبرياليـــة والإستعمارية والصليبية والصهيونية و...و.... إلخ .
2- في توصيف مطالب الثوار : في البـدء تم الإقــرار بوجود مطالب مشروعة ومحقة للمتظاهرين ، مع حصرها في المجالات الإجتماعية والهموم المعيشية . ثم ، وعلى إستحياء ، أخذ الحديث منحــــىً آخراً ، وأصبح مصرحاً بـه أن يتـم الكلام عن مطالب سياسية تستوجب إجـراء إصلاحات معينة . ثم إختفت هذه النغمة كليا ، ولم يعد هناك حديث عن مطالب مشروعة ، بإعتبار أن النظام قد قدم " سلـة إصلاحات " لامثيل لهـا تجاوزت طموحـات المتظاهرين بأشـواط ، وبالتالي فإن كل ما جرى بعــــد ذلك لا يمكن إعتباره سوى تخريب متعمد وتآمر مقصود بتحريض من الخارج .
( تعبيـر " سلة " أعجبني كثيرا  فسمحت لنفسي بإستعارتـه من أحـد جهابـذة النظــــام ، وتفسيري أن الإصلاحات كانت مائعة فتسربت من خلال شقوق السلة قبل أن تصل إلى الشعب ، لذلك لم تخلف أي أثر ، وكان الأفضل أن يستخدم النظام " طنجرة " أو " سطل " !!! )
3- في منطق أجهزة النظام الإعلامية وأبواقه المأجورة : شاب الحملـة الإعلاميــة المضللة للنظـــــام المجرم الكثير من الإرتباك والتردد والتناقض ، بالإضافة إلى الوقوع في فـخ الكذب المكشوف مرات عديدة ، فرأس النظـام نفسه لم يكن يدري كيف يتصرف ، وكان يتأرجح يمينا ويسارا ، وخلفــه تلهث الأبواق المأجورة محاولـة رتق ما إنفتق وترقيع ما إنكشف . وكثيرا مـا تنـاقض البـوق مع اقرانــــه ، وحتى مع نفسه بين تصريح وآخر ، ويبدو أن أعوان النظام لم يسمعوا بالمثل المعروف : " إذا كنــت كذوبا فكن ذكورا  " وهناك الكثير من الأمثلة على إرتباك إعلام النظام المجرم ، يحتاج إيرادهــا إلى صفحات عديدة ، سأكتفي بإثنين  منها . فعندما تصاعدت عمليات القتل في الأسابيع الأولى ، سارعت الأبواق إلى تكرار مقولـة أن الرئيس أصدر أمرا قاطعــا بمنـع إستخدام الرصاص الحيَ في إستهداف المتظاهرين . لكنهم ما لبثوا أن تلقوا توبيخات شديدة على ذلك من رؤسائهم ، لأن ذلك يعني ، ضمنيا أنه كان هناك إطلاق فعلي لرصاص حي ، الأمر الذي كان النظام ، ولا يزال ، يسعى إلى إنكاره كليا
معتقدا بغباء أن الشعب السوري ساذج إلى إلى تلك الدرجـة التي يصدق فيها أضاليل النظام ، ويكذب
عينيه وسمعه ، وتسري عليه خدعـة العصابات المسلحة الشبحية التي قتلت الآلاف من الشهداء ، ولا توجـــد إلا في مخيلة أبواق النظام المأجورة . وعندما عقد ما دعي باللقاء التشاوري للحوار الوطني ، يومي 10 ، 11 تموز الماضي ، بإشراف نائب المجرم رئيس النظـام الدميـة " فاروق الشرع " هللت وسائــل إعـلام النظـام لهـذا الحدث التـاريخي ، وإعتبرته إنجــازا غير مسبوق  ، لكنهـــا ما لبثت  أن زُجرت  وُقمعت ، بعد أن تسربت تصريحـــات ناريـة لبعض الوحوش من رؤساء الأجهــزة الأمنيــة يصفون فيها ذلك الحدث ب " اللقاء التآمري " .
4- نماذج من أكاذيب النظام المجرم : لا يمكن لعقل إنسان سوي، ولا حتى لمخيلته ، أن تتصور مدى التضليل الذي مارسه النظام وزعرانه من الأبواق المأجورة . والأسوأ من ذلك الإهانات التي وُجهت للشعب السوري الحر . مما يعكس بدقة الطريقة السافلة التي ينظر بها النظام إلى مفهوم المواطنة :
  - وصف المتظاهرين بأنهم حثالة الشعب السوري . لكن العالم كله يعرف من هم الحثالة الحقيقية .
- التقليل من حجم المظاهرات ، والإدعاء بأن أعدادهم لا تزيد عن العشرات ، وأحيانا المئات . أمــــا   صور التجمعات النصف مليونية  فهي مجرد أخيولة في عقول أعداء النظام .
- عدم الإقرار بالأعداد الحقيقية للشهداء ، والإصرار على أرقام مخفضـة في أوساط الشعب الثائــر ،   ومبالغ فيها جدا بالنسبة لأجهزة الأمن والقـوات المسلحة . ولا تزال البيانات الرسمية تتحـدث عـــن   سقوط 1500 قتيل أكثر من نصفهم في صفوف النظام المجرم . لكن منظمة العفو الدولية ، المشهود   لها بالمصداقية  العالية ، تتحدث عن ما يزيد عن 2800 شهيد . علما بأن تلك المنظمة لا توثق مقتل   أي إنسان ما لم تتـأكد من حقيقـة شخصيتـه أولا ، وهذا يتطلب حصولهــا على شهــادة ميـلاده ، ثم   معرفة ظروف ومكان مقتله ودفنه ، والحصول على وثيقة وفاته الرسمية . وهذا يفسر كون أرقامها   توازي نصف العدد الفعلي لشهداء الثورة الأبرار .
- إستخدام مقاطع مصورة سابقــا من الأرشيف ، لأماكن مميزة ومعروفة جيدا كالساحــات والشوارع   والمساجد ، وعرضها على شاشة التلفزيون بإدعاء أنها صور مباشرة ، لدحض إعلام الثورة .
- تفسير حملات المداهمة الوحشية للمدن بأنها تمت بناء على مناشدة الأهالي للجيش للقدوم لإنقاذهـم   وتخليصهم من إرهاب وترويع العصابات المسلحة .
- إنكار عمليات إطلاق النار على المتظاهرين كليا  ، وكذلك قصف المباني والمساجد والمنشئــــات ،    ودهس  السيارت المملوكـة  للمواطنين بجنازير الدبابات ، وتخريب الممتلكات الشخصية وغـــــير    ذلك من الأعمال البربرية . وأن كل ما شاهده العــالم من جـرائم موثقــة بالصوت والصورة ماهـي   إلا أفلام مفبركة . وقد ساهم الغبي رئيس النظـام بنفســه في حملـة التضليل هــذه بإعتباره خبيــــرا   عسكريا لا يشق له غبارمن خلال خوضه ( ربما في أحلامه ) للعديد من الحروب والمعارك .
- الإدعـاء بأن غالبيـة الشعب السوري لا تزال تؤيد النظام ورئيسه ، ومحاولة إثبات ذلك بالإعتمــــاد على مظاهرات معلبة  تساق إليها الجماهير سوق النعام . وببث صور مقززة للنفس ، مثيرة للمشاعــــر   يظهر فيها زعران النظام وهم يرددون شعار تأليه المجرم السفاح والسجود على صورته القميئــة .   ويظهر أن النظام يتجاهل حقيقة يعرفها العالم بأسره ، وهي أن الحشود الجماهيرية التي يسوقها أي   نظام ديكتاتوري شمولي بالإكراه ليس لها أي دلالة فعلية ، وعلى العكس فهي إدانة للنظام نفســـه ،   والأمثلـة على ذلك كثيرة لا تعد ولا تحصى .
5- وماذا بعــد : رغم كل الوسائل المقرفـة المضللة التي إتبعهـا إعلام النظـام المجرم ، ورغـم كــــل الكذب والإفتراء ، ورغم كل الفبركة والإختلاق ، عجزت الأبواق المأجورة من زعران النظـام عــن الإجابة على العديد من الأسئلة الحيوية  ، سأختار منها إثنين :
أولا : إذا كان الجيش قد دخــل حمـاة بنــاء على طلب ومناشدة أهاليهــــا لتخليصهم من ترويـــع العصابات المسلحة الموهومــة ، فلماذا بقيت ساحــة العاصي في وسـط المدينـــة تمتليء بنصف
مليون ثائر ، ولعشرة أيام كاملة دون أن تطلق فيها طلقة واحدة ، ولم يصب خلالها مواطن واحد بخدش بسيط ؟ وأين كانت تلك العصابات المسلحة التي روعت المواطنين ؟ ولماذا في يوم واحد من دخول الجيش ( المنقذ ) سقط أكثر من مائة قتيل ؟
ثانيا : إذا كانت العصابات المسلحة المعارضة للنظام ( المقـاوم والممانع ) تستهدفــه بعملياتهـــا فلمــاذا لم تتعرض لتلك  المظاهرات المعلبة المؤيدة للنظام ولو برمي بحصة عليها ؟ في الوقـت  الذي تزرع فيه الموت والخراب في صفوف المتظاهرين  المعارضين للنظام أيضا !!         
      وهناك فوق كل هذا التضليل الإعلامي ، ذلك التشدق الأجوف بالإصلاحات الموهومة وهو ما سيكون مضمون المقال الثالث القادم في سلسلة المقالات هذه التي نبحث فيها سياسة النظــــام  السوري المجرم في مواجهة الثورة المباركة .


في 26/9/2011                                         العميد الركن المتقاعد عقيل هاشم

سياسة النظام السوري المجرم في مواجهة الثورة

سياسة النظام السوري المجرم في مواجهة الثورة
أولا : في القمع الدموي الوحشي

إنتهج النظام السوري المجرم ، في مواجهته للثورة ، سياسة مركبة في أربعة محاورمتوازيـة تشتمل على : القمــع الدموي الوحشي ، والتضليل الإعلامي الكاذب ، وإدعاء الإصلاحات الوهميـة ، وإبداء الإستعداد للحوار مع المعارضة .
ونحاول في هذا المقال إلقاء الضوء على كافة جوانب المحور الأول المتمثل في سياسـة القمع الدموي الوحشي التي إتبعها النظام المجرم منذ الأيام الأولى لإندلاع الثورة وإستمر عليها ، بل فاقم فيها ، حتى هذه اللحظة دون أن يردعه رادع . كان من حصيلتها سقوط أكثر من ثلاثة آلاف شهيـــــد وعشرين ألف معتقل ومفقود ، وعشرات الألاف الآخرين من الجرحى والمعاقين والمهجرين .
وقد إعتمد النظام المجرم ، في البدء وحصريا ، على مـا يمكن تسميتهم بقــوات أو أجهـــــزة النخبــة ، المضمونة الولاء ، والتي تشتمل على :
- أجهزة الأمن الرئيسية الأربع : شعبة المخابرات العسكرية ، إدارة مخابرات القوى الجويــة ، إدارة أمن الدولة ( المخابرات العامة ) وشعبة الأمن السياسي ( التابعة شكليا لوزير الداخلية وفعليا للمجرم الأكبر رئيس النظام ) . ولاحقا إضطر النظام لإشراك عناصر من شعبة الأمن الجنائي ( التابعة فعليا لوزارة الداخلية ) والتي تنحصر مهمتها في التعامل مع المجرمين فقط من قتلة ولصوص ومهربيــن وتجارومروجي المخدرات وأمثالهم .
- قوات الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة ( سرايا الدفاع سابقا ) والوحدات الخاصة .
- قوات الشبيحة ( والأفضل تسميتهم ب " قطعان الشبيحة " لأنهم يتصرفون كالحيوانات تماما ) التي تشكلت من بقايا أفراد من عائلة الأسد الذين عملوا سابقا في الإجرام والتهريب،وكان لهم ميناء خاص بهم على الساحل السوري . بعد أن تم تعزيزهم وتسليحهم وتنظيمهم من قبل السلطة الحالية .
وقد إضطر النظام المجرم لاحقا ، ونتيجة لإستمرار الثورة وإتساع رقعتها ، لإشراك كافــــة قوات وفرق الجيش النظامية في مواجهة الثورة ، بما في ذلك القوى الجوية والبحرية . وكان في ذلك بعض المخاطرة . ليس من منطلق أن هذه القوات مخصصة لحمايــة الوطن ، وللدفــاع عن الجبهــــة والحدود والأجواء والسواحل . وأن إستخدامها في غير مهمتها يعرض البلاد لخطرالعدوان الخارجي ذلك إن النظــــام المجرم يؤمن بأن عدوه الأول الذي يشكل التهديــد الوحيــد لوجوده ، لايوجــد فــــي الخارج ولا يتمثل في إسرائيل . بل يتوضع في الداخل ويتمثل بالشعب السوري الأعزل . إنما تكمـــن الخطورة من منطلق أن هذه القــوات غير مضمونة الولاء كليا ، وهذا يفسر كون معظم الإنشقاقــات قد حدثت فيها . و يتطلب ذلك بعض التوضيح .
فقد إستطاع النظام ، منذ عهد السفاح الأب ، أن يصبغ قوات النخبة الأمنية والعسكرية بطابعه الطائفي بشكل شبه كلي ، وبنسبة 90 % على الأقل . لكن ذلك كان متعذرا بالنسبة لباقي قطعــــــات القوات المسلحة النظامية . ذلك أن ذخيرتها البشرية الرئيسية تعتمد على نظام الخدمة الإلزاميــة الذي يعكس بكل دقة واقع ونسب التنوع السوري إثنيا وطائفيا . لذلك جرى التركيز على سلك الضبــــــاط في الجيش النظامي بشكل عام ، وعلى الوظائف القياديـة والحيوية فيه بالذات ، لتكون حكرا - قـــدر الإمكــان - على أبناء طائفة معينة بالذات .
بهذه القوى والوسائط والإمكانيات ، وبهذه البنية الطائفية ، يشن النظام المجرم حملته الدموية الوحشية ضد الشعب السوري الأعزل الثائر . ويستطيع المراقب الخبير لمجريات الأحداث على مدى الأشهر الستة الماضية أن يتبين ملامح الإستراتيجية القمعية التي يتبعها النظام المجرم ، والأســـاليب والطرق التي ينتهجها للقضاء على الثورة السورية :
1- يعتقد النظام أن القمع الدموي المتواصل ، دون قيود أو حدود ، هو السبيل الأول والأخير للقضـاء على الثورة والسيطرة على الأوضاع الأمنية . وأن كل ما عدا ذلك فهي مجرد عوامل مساعدة .
2- ويتضمن مفهوم القمع لدى النظام المجرم إستخدام الوسائل التالية : القتــل ، التدميروالتخريــب ، الإعتقالات ، التعذيب ، الترهيب والترويع ، ولا ندري إن كانت حوادث الإغتصاب قد تمت بشكل فردي أم بأوامر عليا لكي تضم إلى بقية اللائحة .
3- ينفذ القتل بشكل موجه ومسيطر عليه ويتم على نوعين : متعمد ويستهدف أشخاص معينين بالذات من النشطاء ، أو الذين يبرزون في قيادة المظاهرات ، أو يرفعون على الأكتاف ، أويخطبون فيها بالميكروفونات . ويتم هذا القتل بواسطة القناصة . وقتل عشوائي ينفذ دون تمييز ضد المتظاهرين أو خلال الإقتحامات والمداهمات . وعلى ما يبدو فإن النظـام المجرم قد وجه قادتـه الميدانيين لكي يكون قتلا مسيطرا عليه بحيث يتراوح عــدد القتلى في اليوم الواحد بين 25 و 50 ولا يزيــد بأي حال من الأحوال عن مئة . وليس في هذا أي شيء من الرحمـة أو الشفقـة ، بقدر ما هو خوف من من أن يخرج الأمر عن السيطرة ، وتحدث مجازر واسعة النطاق تؤدي إلى تدخل عسكري دولي فوري لايقدر على مواجهته .
4- تنفذ بشكل مخطط ومقصود عمليات تدمير وتخريب تشمل :
- قصف الأحياء والمنازل والمساجد ، وتخريب محتويايها من أثاث وموجودات .
- تدمير السيارات الخاصة والدراجات النارية ووسائط النقل العامة المملوكة لأفراد .
- قصف المحلات التجارية والمهنية ، وسرقة محتوياتها ، وتخريب باقي الموجودات المتعذر سرقتها
وتهدف هذه الأعمال البربريــة إلى الضغط على الثوار في لقمـة العيش ووسيلة الحيــاة . والسلطــة الباغية تعلم أن معظم الثائرين هم من عداد الطبقات الفقيرة وتحت المتوسطة . وتعلم قبل غيرها كم هو كبير تأثير هذا العمل الإجرامي على ذلك الفقير الذي كدح سنوات طويلة لكي يتمتع برؤية براد في منزله ، أو تلفزيون . وها هو يرى حماة الديار يدمرون ممتلكاته بالرصاص وأعقاب البنادق .
أما قيام مجرمي النظام بتدمير وحرق المؤسسات الحكومية ، ووسائط النقل العامة ، فهي جـزء مـن حملة التضليل المريعة ليبرر إتهام الثوار بالتخريب والإجرام .
5- تشن حملة إعتقالات واسعة النطاق في كل أرجاء سورية . ويقدر عدد الذين أعتقــلوا خلال شهور الثورة بأكثر من أربعين ألفـا ، لا يزال نصفهم تقريبا في سجون النظـــام . ولأن قدرة الإستيعـــاب لا تتحمل مثل هذا العدد ، فقد أستخدمت بعض المدارس والمنشئات الرياضية وأقبيــــــة المؤسسات الرسمية وغيرها كسجون مؤقتة ، وأماكن للتعذيب في نفس الوقت . وتستهدف الإعتقالات كل من يتظــاهر أو ينزل إلى الشارع . لكنها تركز على القادة الميدانيين والنشطاء وبعض رموز وقــــادة المعارضة . وتشمل الإعتقالات أعمارا بين العاشرة والثمانيــن ، ومن الجنسيـن ، وأشخاصــا مـن من مختلف مكونات الشعب السوري ،إثنيا وطائفيا . ويستفيد النظام من السلاح الإعلامي الفعــــال للثورة بشكل معكوس . فيحشد جيشــا من عناصر الأمن والمختصيـن بتكنولوجيــا المعلومـــــــات والإتصالات لتفحص الصور والفيديوهات والمقابلات التلفزيونية والتعرف على أسماء وأماكن وجود الشخصيات الفعالة في الثورة ، لكي يجري إعتقالهم فيما بعد . وشملت الإعتقالات كل من لديه قدرة مهنية أو فنية على تأمين نشاطات الثورة لوجستيا ، كالخطاطين وأصحاب محلات الطباعــة والنسخ والكمبيوتر وبائعي القماش الخام وصانعي أعلام الإستقلال السورية ذات النجوم الحمر الثلاث وكل من تثبت أنه قدم أدنى فائدة للثورة .
6- يمارس التعذيب الوحشي الهمجي في سجون النظام بشكل لم يسبق له مثيل في التاريخ الحديث في أي مكان من العالم . سواء من حيث النوع ( الفظاعة الرهيبة في الطرق والوسائل المتبعــــة ) ومن حيث الكم ( الأعداد الكبيرة للأشخاص الذين تعرضوا لهذه المعاملة الوحشية والتي زادت عن بضعة آلاف ) . وقد أودت عمليات التعذيب بحياة المئات من المعتقلين . وقد وثقت منظمة العفــــو الدولية ، المعروفة بمصداقيتها العالية ،88 حالة مؤكدة . ولا ينفذ التعذيب بهدف إنتزاع المعلومات فقط ، وإنما من منطلق الحقد والتشفي والإنتقام لذلك كانت الأظافر تقتلع ، والجلود تسلخ ، والأيادي والأقدام تبتر ، والرقاب تحز ، والحناجر تنتزع . وإنني لأشعر بالقهر والغضب والرعب وأنا أكتب عن هذا الهول ، فكيف أستطيع وصف مشاعر وأحاسيس أولئك الموجودين داخل سوريــة تحــــت تسلط آلة الرعب البربرية هذه .
7- وأخيرا يمارس النظام المجرم سياسة الترهيب والترويع تجاه الشعب بكامله ، حتى ضمن صفوف المؤيدين له ، لكي لا يخطر في بال أحد أن يفكر ، ولو في أحلامه ، بالخروج عن النظـــام . ولذلك تم تسريب العديد من الفيديوهات التي تفضح جرائمهم . وكذلك تم تسليم جثامين الكثير من الشهداء إلى ذويهم وعليها آثار تعذيب مريعة ، وكان بالإمكان دفنها في مقابر جماعية لكي لا يشاهدها أحد . لكن النظــام يعرف أنه لا يستطيع المغالاة في إنتهـاج هــــذا الأسلوب ، فقد ينعكس عليه ، لذلك تراه يلجــأ إليه بحرص شديد ، وبين وقــت وآخـر . لكي تبقـــى وحشية النظام ماثلة في الأذهان على الدوام .
وبعد فهذا ليس سوى غيض من فيض . وهل يستطيع مقـال أو كتــاب أو حتى مجــلدات أن ترقى بوصفها وتأثيرها إلى الإحاطة بكل جوانب حملة القمع الدموي الوحشي تلك التي يرتكبها هذا النظام
المجرم وزبانيته ضد الشعب السوري الأعزل ؟
عندما يزول النظام السوري المجرم ، وهو زائل لا محالة ، بإذن الله ، وتضحيات أبناء ه الثوار الأبطال ، لايذكر أحد أمامي مصطلحات مثل : المصالحة ...والمسامحة..... والعفو عند المقدرة..... وعفى الله عما مضى ..... ومثيلاتها . فقط أريد سماع جملة واحدة فقط : الحساب العسير الصارم . مصداقا لقوله تعالى : " ولكم في الحياة قصاص يا أولي الألباب " صدق الله العلي العظيم .
إن كل يد ضربت مواطنا يجب أن تقطع ، وكل من أزهق روحا يجب أن يعدم ، أما أولئك المتربعين في قمة السلطة المجرمة ، وعلى الأخص ، السفاح الأكبر وشقيقه الأرذل فإني أترك للقاريء أن يتصور ماذا يجب أي أن ينزل بهما من قصاص عادل .

في 15/9/2011 العميد الركن المتقاعد عقيل هاشم