Friday 19 August 2011

الثورة السورية في خطر/القسم الرابع والأخير

الثورة السورية في خطر/القسم الرابع والأخير

الثورة بين السلمية والسلاح



يسعى النظام السوري المجرم بكل الطرق والأدوات , ومستخدما كل وســائل التحريــض والاستفزاز , لدفع الثوار العزل إلى اللجوء إلى حمل السلاح ومقابلة العنف بالعنف . وبالتالي إلى

جر البلاد إلى حرب أهلية مدمرة تعطيه المبررات والذرائع للقيام بعملية سحق شاملة وهمجيـــــة

للثورة مستخدما في ذلك كل ما يملك في ترسانته الحربية البربرية من وسائل القتل والتدمير .

ومع ذلك لا يزال الثوار محافظين على أعصابهم , مسيطرين على ردود أفعالهم ,مصرين

على المحافظة على سلمية الثورة , رافضين اللجوء إلى حمل السلاح ,مفضلين تعريض صدورهم العارية للرصاص الغادر على الانجرار وراء إستـفـزازات النظام المجرم . رغم ما في ذلك مــــن

صعوبة بالغة لا يمكن تصورها , وتفوق قدرة الناس على التحمل والاحتمال .

اليوم , و بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على إندلاع الثورة , وسقوط آلاف الضحايا بين

شهيد وجريح , وإعتقال وتعذيب عشرات الآلاف الآخرين , وفي مثل هذه الظروف الجائــرة , ألا

تصبح التساؤلات مشروعة حول قضية سلمية الثورة , وإلى متى يمكن أن تستمر , وعما إذا كــان

ذلك ممكنا أو لازما , وهل هناك هناك خياراو بديل آخر, ومتى وفي أية ظروف يصبح ذلك أمــرا

مقبولا أو حتى ضروريا ؟

لا شك أن هذه قضية مثيرة للجدل قبل كل شيء . وهي مسألة بالغة التعقيد , كثيرة التشابك

وتحمل في طياتها جوانب متناقضة سلبية وإيجابية عديدة . ويجدر بنا إمعان النظر بها جيدا :

1- ليس من المحتم أن تبقى المحافظة على سلمية الثورة دوما عائدة لقرارالثوار وخاضعة لارادتهم

بشكل كامل . فقد تنشـأ أوضاعا طارئة وظروفا قاهرة لا يجد فيها الثوارمفرا من إستخدام الســـلاح

رغم علمهم أن هذا بالضبط ما يرمي إليه النظام المجرم لكي يصعد حملته الوحشية القمعيــة ضـــد الشعب السوري الباسل , لكن إنما للصبر حدود .

2- بالمقابل فإن النظام المجرم – بعد أن إرتبك وتردد طويلا في بداية الثورة في وصفه للثوار بيـن

كونهم مجموعات مندسة أو جماعات أصولية إرهابية – إستقرت روايته المضللة أخيرا على أنــــه

يواجه تمردا مسلحا كبيرا يشترك فيه عشرات الألوف من المتمردين المزودين بأسلحـة متطــــورة

ووسائط إتصال حديثة حسب تصريح السفاح الأكبر رئيس النظام .

3- وبالتالي فإن إستمرار الثوار في التمسك بمبدأ سلمية الثورة من عدمه لن يقـدم أو يؤخـرشيئـــــا

بالنسبة للنظام فهم في كلتا الحالتين متهمين من قبله بالتمرد المسلح . ويعاملون على هــذا الأساس .

4- لكن تحول الثورة عن سلميتها قد يفقدها الكثير من دعم وتأييد العديد من الحكومات والمنظمات

الدولية والاقليمية وكذلك الهيئات والجماعات الحقوقيـة والانسانية . والأهم من هذا قـد يقلل مـــن

من إحتمال حدوث تدخل/دعم دولي فعال وبالقوة المسلحة لانقاذ سورية من المجزرة الدموية .

5- كذاك يجب أن نعلم أن هناك فارقــا هائلا بين ما يملكه النظام من سلاح وعتاد حربي وما هـــو متوفر حاليــا لدى الشعب بالاضافــة لما يمكن للثــوار أن يتحصلوا عليه في المستقبـل من مختلـف

المصادر , مع الأخذ بعين الاعتبار أن النظــام المجرم لم يستخدم بعد سلاحه الجـوي بشكل فعـــال ولذلك يجب علينا أن نضع في الحسبان ان ميزان القوة المسلحة سيكون مختلا لصالح النظــام فـي أي مواجهة مسلحة مقبلة .

6- أما أولئك الأشراف الأحرار من الضباط وصف الضباط والأفراد الذين إنشقوا عن النظام فهــم

غير معنيين بقضية سلمية الثورة على الاطلاق . وليس لديهم سوى خيار واحد متمثل في إستخـدام

السلاح دفاعا عن النفس . وهذا حق مشروع كفلته لهم كل القوانين والأعراف الانسانية . فالسلطــة

المجرمة تقوم حاليا ودون هوادة بتعقبهم وملاحقتهم . وسيكون مصير أي معتقل منهم الاعدام فورا

دون محاكمة , لكن بعد تعريضهم لأبشع صنوف التعذيب الوحشي , ليس فقط من أجل إنتزاع مـــا

لديهم من معلومات عن حركة الضباط الأحرار , وإنما من منطلق روح الحقد والتشفي والانتقام .

( بهذه المناسبة أرجو أن تعدل التسمية لتصبح " حركة الجنود الأحرار " لأن كلمة جنود تشتمــل

كل مكونات الجيش من ضباط وصف ضباط وأفراد )

في ظل كل هذه الاعتبارات ماهو التصرف الأنسب حيال قضية المحافظة على سلمية الثورة

من عدمها ؟ هذا موضوع أطرحه للنقاش والدراسة مبتدءا بنفسي فأقول :

أولا - في الظروف والأوضاع الراهنة , يجب الاستمرار في المحافظة على سلمية الثـورة وعــدم الانجرار وراء إستفزازات النظام .

ثانيا- لكن هذا لا يعني إستبعاد الوصول إلى تلك النقطة التي يكون فيها اللجوء إلى حمل السلاح أمرا

لا مفر منه . ولذلك , وفي نفس الوقت , يجب أن يتم التحضير والاعداد والتخطيط لحمـل الســـلاح

بشكل سري حتى لا يفاجأ الثوار بأوضاع لا يملكون حسن التصرف حيالها .

ثالثا- أما فيما يتعلق بحركة الجنود الأحرار فهناك الكثير مما يجب أن يعمل في هذا المجال . ومنها

على سبيل المثال وليس الحصر:

- تشكيل قيادة موحدة للحركة , قيادة عسكرية هرمية تسلسلية فعلية .

- قيام المنظمات الداعمة للثورة في الدول المجاورة بتأمين الحركة بوسائط الاتصال والسلاح

وكل اللوازم والاحتياجات العسكرية الأخرى .

- لكن عليهم أن يبقوا كامنين تحت الأرض في مخابئهم داخل وخارج سورية .

- وعليهم أن لا يشاركوا حاليا بأي نشاط ثوري أو مسلح إلا في حالة الدفاع عن النفس .

- وعليهم أن يكونوا جاهزين للاشتراك في الثورة بكل زخم وقوة عندما تدعو الحاجة .

إن الشعب السوري الثائر سيعمل بكل الوسائل الممكنة للمحافظة على سلمية الثورة , وسيتحمل ما لا يطاق في سبيل ذلك , لكنه لن يكون أبدا أبدا أبدا كالخراف التي تساق إلى المسلخ . وإذا دعـت الحاجة القاهرة , وعندما لا يكون هناك مفر, ولا من بديل ,فإن الشعب سيهب للدفاع عن وجوده بكل مايملك مـن قوة وعزم , وبكل ما يمكن أن يتحصل عليه من سلاح .

لكنه لن يخضع ولن يركع ولن يهدأ إلا بعد تحرير سورية من هذه العائلة القذرة وذلك النظـــام المجرم . وسورية البطلة لن تعود إلى إوضاع ما قبل 15 آذار مهما بلغت وعظمت التضحيات .





في 19/8/2011                                                                         العميد الركن المتقاعد عقيل هاشم

No comments: